مقالات متنوعة

من حقه أن يحتج

* لا زالت الحكومة تحاول البحث عن تأييد واسع لمجابهة دعوات المناهضة الواسعة الرافضة لسياساتها الاقتصادية الأخيرة، ظناً منها إن الحشود يمكن أن تكون ترياقاً للانعطاف الذي بدا واضحاً صوب دعوات المناهضة التي قاربت تجربتها الثانية على التنفيذ على أرض الواقع.
*ويحاول الحزب الحاكم بالرغم من التقليل والاستخفاف بدعوات العصيان، التصدي له عن طريق تقديم بلاغات (تنويرات) لعضويته وعن طريق مناشط بالولايات يحشد فيها الجماهير بشكل (مصنوع) ليقول إن شعبيته لا زالت قادرة على امتصاص قراراته البائسة.
* يبدو إن الوجهة القادمة ستكون صوب نهر النيل بالولاية الشمالية لكسب مزيد من التأييد، ولكن مواطن ولايتي نهر النيل والشمالية، الذي تجتهد الحكومة جداً هذه الأيام لكسب ودَه قبل فوات الآوان، ظل في حالة كرَ وفرَ مع الحكومة التي تنوي تهجيره بغرض إنشاء عدد من السدود.
* مقترحات إنشاء سدود دال وكجبار والشريك ومقرات وغيرها، قلبت حياة مواطني المنطقة إلى جحيم، خاصة وانها ستؤثر بشكل مباشر في تغيير التركيبة السكانية بها حال تنفيذها، وهو ما أفقد الثقة في الحكومة التي تسعى إليه بكل كيانها لأجل أن تعقد معه مصالحة لن تكون موجودة إلا في خيال (أخصائيو الحشد والتطبيل).

* توتر العلاقة بين الحكومة والمواطن بسبب قناعة الأخير بأن الحكومة (ضنينة جداً وشحيحة) في منح تلك المناطق حقها من الإهتمام المطلوب ما جعلها مجرد بقعة خضراء وسط صحراء قاحلة، وبعد تلاشي المشاريع الزراعية التي تعتمد على الطلمبات والتي فشلت بدورها في ضخ الكميات الكافية من المياه بسبب إرتفاع سعر الجازولين الذي وصل سعره ألف جنيه.
* معظم الولايات التي كانت تشكل السند الاقتصادي لحكومة السودان في السابق وبعد أن تمَ (تشليع) مشاريعها الزراعية تعاني العديد من المشاكل، نتيجة للتهميش الذي خلق العديد من الأزمات، وأكثرها حدة هي مشكلة ( تأمين الغذاء).
* إضافة للأمية التي يعاني منها المواطن بشكل كبير والتي كان شاهد عدل عليها إن بعض نواب البرلمان يعانون الأمية أيضاً، بجانب إنتشار السرطانات، والتي تمثل الشمالية ثاني أكبر نسبة في الولايات بعد أن إحتلت الجزيرة المركز الأول بجدارة، بسبب المياه والأسمدة الكيميائية، والسبب ألاكبر كما يردد أهل المنطقة هو (النفايات) التي تم دفنها قبل سنوات طويلة في حكومات سابقة.
* ورغم ذلك يُصر المؤتمر الوطني علي أنه صاحب أكبر قاعدة جماهيرية والأعلى كعباً، وعندما تحين ساعة الحقيقة، تتساقط الأقنعة، وتتضح الحقائق المزيفة التي تم راهن عليها المنتفعين والمتسلقين.

* السودان أكبر دولة تجري فيها أكثر من 10 من أنهار وترع كبرى، ورغم ذلك يظل إنسان السودان الأكثر عطشاً من بين دول القارة بسوء التخطيط والفساد.
* والسودان صاحب أكبر مساحة صالحة للزراعة في القارة وفي المنطقة بشكل عام، بأراضيه عالية الخصوبة، ورغم ذلك ترتفع فيه أسعار الخضر والفاكهة بشكل كبير جداً، وتشكل عبء كبير جداً على المواطن، وعلي خزينة الدولة بإستيراد الجزء الأكبر.
* الجشع والفساد والمحسوبية شكلت أخطر ثلاثي ساهم في (تدمير) كافة مشاريع التنمية وأوقف عجلة الانتاج.. وجعلنا نستجدي بعض الدول للدعم وبدلاً من أن نكون سلة غذاء العالم، جسدنا الوصف السابق الذي نكرهه وهو (رجل افريقيا المريض).
* فشل النظام في الإستفادة من حجم الثروة الحيوانية بكل الولايات، والتي كان من الممكن أن تجعل منه مكتفٍ ذاتياً وأكبر مصدر للحوم، ولكن حتى الآن فشلنا في تحقيق ذلك بسبب عدم التخطيط والجدية في وضع الاستراتيجية الاقتصادية المناسبة.
* تم تفكيك مصانع النسيج، وإفشال كل ما له علاقة بالقطن الذي كان السودان أكبر مصدر له، فبتنا أكبر مستورد للملابس والأقمشة ومن ذات الدول التي كنا نصدر لها.
* وبالرغم من سوء السياسات التي افرزت هذا الواقع البئيس، يستكثرون على المواطن الاحتجاج.. وعلى النظام أن يدرك حجم المأزق الذي أوقع نفسه فيه، بسبب سياساته هذه.

بلاحدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة