مقالات متنوعة

(السائحون) ماذا يريدون؟

أول من أمس، جلس بعض قيادات هذه المجموعة إلى عدد محدود من الصحفيين؛ للتفاكر حول المستجدات الحالية، وأبرزها دعوات العصيان التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، وسبق ذلك أن أصدرت المجموعة بياناً في توقيت يترقب فيه كل الناس حدثا محددا، لكن البيان كان محاولة للدفع باتجاه أن ينفذ الرئيس مخرجات الحوار، الحوار الذي كاد أن يصبح نسياً منسيا.. ثم تحفظت تجاه دعم أو تأييد العصيان، وتحفظها ينطلق من عدم ظهور قيادة للعصيان، رغم أنهم جلسوا مع بعض النشطاء، وهذا ما جعل الموقف مشبوهاً، ومدعاة للتشكيك.

الذي ينبغي أن يضعه الجميع في الاعتبار، أن عنصر الزمن خارج تحكم الجميع، لا هو في يد (سائحون) ولا (دعاة العصيان)- أنفسهم- الزمن يتسلل من أيدي الجميع، ولن ينتظر مزاج شخص واحد لتنفيذ مخرجات حوار.. هذه مرحلة لا تحتمل الرمادية، ولا تسمح بالتذاكي.. إما مع أو ضد… أتفهم- تماماً- هذا الموقف من (سائحون) رغم دبلوماسيته، فهو لا ينفك من الموقف العام لكل الإسلاميين من أي تغيير محتمل.
في لحظة.. يتخذ كل الإسلاميين- داخل السلطة وخارجها- موقفاً موحداً وشرساً تجاه إسقاط النظام القائم الآن، وما أن يردد أحد هذا الشعار إلا وتجدهم- جميعاً- كتلة واحدة، دفاعاً في وجه من يعبِّر عن رأيه بهذا الشعار رغم أن قلوبهم شتى.

حرص الإسلاميين بمجموعاتهم المختلفة على الحفاظ على التجربة الحالية رغم فظائعها، بمبررات أسوأ من التجربة- نفسها- مرده– بالنسبة إليهم- أن أي تغيير قادم سوف يتحولون إلى جُثث في الشوارع، وتسيل دماؤهم، ثم إنهم لن يسمحوا بأي تغيير يأتي بغيرهم.. وكأن التغيير يستأذن!.
مجرد أن يتصور الإسلاميون جثثهم في الشوارع هذا اعتراف وتأكيد على فظاعة ما ارتكبوه؛ ولأن بعضهم يأخذ القانون بقوة يده، يتوقع أن يكون العقاب على طريقته، الخوف والرعب من فكرة المحاسبة، والحماية منها بارتكاب المزيد لن يمنع التغيير الحتمي.. والوقوف ضد أي تغيير بحجة أن القادم غير إسلامي تدعو- حقيقة- إلى الشفقة، وتؤكد أن العقلية الانقلابية لم تتغير رغم ما سُكب من حبر المراجعات.

(السائحون) رغم أنها أشرس المجموعات الإسلامية معارضة وسلخاً لهذا النظام، وأسهمت بدرجة كبيرة في فضح رموزه، ونالها ضرر بالغ من هذه التجربة، وقضية الأسرى أنموذجاً.. صحيح هي اتخذت موقفاً شجاعاً وحاداً إزاء الفساد، لكنها لم تتخذ موقفاً تجاه الحريات، بل إن كثيرا من الأصوات داخل هذه المجموعة تحمل أشواقاً فياضة لتنزيل الشريعة حرفاً، وهذه موقفها- ابتداء- “أن الإنقاذ حادت عن طريقها، ووجب تقويمها من باب المناصحة، ولا بد أن تمضي سفينة الإنقاذ مشهرة شعار (أو ترق كل الدماء)!.

المطلوب من (السائحون) أن تحدد موقفها النهائي، هل هي حريصة على بقاء الإنقاذ، أم هي راغبة في أن تمد يدها لقوى التغيير دون تكتيكات، وتعمل معهم، لتتشارك المستقبل- كما تقول.

شمائل النور
صحيفة التيار