رسائل الجيش..للبشير
في ختام مهرجان الرماية بمروي (الفرقة 19 مشاة)، قال الفريق السر حسين بشير رئيس أركان القوات البرية:(إن القوات المسلحة هي من تقرر من يحكم، ومن يبقى) ، وهي المرة الأولى التي تعلن القوات المسلحة صراحة عن دورها السياسي، و ربما تم توقيت الإعلان بعناية ، نظراً للظروف التي تمر بها البلاد، و لا أحد يجهل المغزى من أرسال هذه الرسالة ، التي على الأرجح ستربك حسابات عديدة ، و ستطيح بسناريوهات قيد الاعداد، خاصة و أن حزب المؤتمر الذي كان يحكم قبل هذا التصريح، يمر بمرحلة شيخوخة و صراعات، جعلت أمره في الحكم يتجاوز مرحلة الفوضى..، كما حدث في ولاية الجزيرة ، ومن قبل في البحر الأحمر و غرب دارفور، ووصل الاختلاف و الصراع الى قلب الخرطوم،مما أوصل الجهاز الحزبي إلى الانفراط ،و الانخراط في أتون تصفية الحسابات، والانغماس بكثافة في استفزاز الشعب و تعنيفه ،و المجاهرة بالفساد والاستبداد، و لعل شهادة العصر للمرحوم الترابي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير،وليس أكثر مما يجلب الاحباط لمن يرون في أنفسهم شيئاً من ميزات الشخصية السوية ، مثل ما قاله المحبوب عبد السلام (الانغماس في السلطة أضر بتجربة الحركة الاسلامية، و السلطة جلبت العار للإسلاميين في السودان)،أو كما قال غازي صلاح الدين متأسفاً على عدم ممارسة نهج الشورى داخل الحركة الاسلامية،بالرغم من أنها كانت إحدي الوسائل للعمل داخلها.
بالرغم من أن هذه الآراء جاءت متأخرة ربع قرن ،إلا أنها لا زالت ترى أملاً في مراجعة مشروع ثبت أنه غير موجود، كما قال د. حسن مكى وراشد عبد القادر و آخرون من داخل البيت الاسلامي.
برغم هذا فإن الاعتراف بخطل التجربة و افرازاتها السالبة ربما يكون بداية للتعافي و الفكاك من عقال نظرية الخلافة في الأرض، خاصة لمن أصدر قرارات مصيرية شكلت وضع البلاد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، و أوصلتنا إلى ما نحن عليه،لذلك فإن رسالة الجيش لم تأت من فراغ، فهم أكثر احساساً بالخطر و مكامنه ، و سيكون لها تأثيرات كبيرة على الحزب الحاكم و على طريقة الحكم، و على علاقة الرئيس بأطراف تعقيدات الأزمة السودانية، و إلى أن يفعل الله أمر كان مفعولاً ، لعل هذه الرسالة تضع حداً فاصلاً بين ما مضى و ما سيأتي، على الأقل إيقاف التدهور و الانحدار نحو الهاوية، إن أكبر مهدد للحكومة حالياً هو المؤتمر الوطني، الحزب الذي كان يحكم .
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة