مقالات متنوعة

المصدرون والناقلون وصراع المصالح


قبل يومين سلطت (كلمة الأيام) الضوء على الصراع الدائر بين غرفتي النقل والمصدرين المنضويتين لاتحاد أصحاب العمل واشتعلت بينهما حرب البيانات عبر الصحف وعبر القنوات الفضائية والمصدرون يتهمون غرفة النقل باستغلالها الموقف لتحقيق أرباح غير مشروعة مستغلة حاجة المصدرين لمواعين نقل بضاعتهم للميناء.

ويعود أصل الحكاية لقرار قديم متجدد من وزارة النقل بتحديد حجم حمولة الشاحنات على الطرق العابرة وطول تلك الشاحنات وقد أعلنت وزارة النقل أن موعد تنفيذ القرار قد أزف بعد طول تأجيل لأن الحمولات الحالية والشاحنات ذات الوزن المتجاوز للحد المسموح والتي تجر مقطورتين يتجاوز طولهما الطول القانوني تلحق ضرراً بالغاً بالطرق وأن حماية تلك الطرق يستلزم الالتزام فوراً بوزن الحمولة وطول الشاحنة وذلك بالاقتصار على مقطورة واحدة وتصدت له بغضب بالغ غرفة النقل التي اعتبرت القرار ضاراً بمصلحتها واحتجت بعدم صحة الأسباب التي اعتمد عليها القرار مؤكدة أن الضرر الذي يلحق بالطرق ليس سببه حمولة الشاحنات ولا طولها بل سببه رداءة الطرق وعدم الالتزام عند تشييدها بالمواصفات السليمة وألحت على تأجيل تنفيذ القرار لأنه سيخلق ندرة في مواعين النقل وارتفاعاً في الأسعار.

وفجأة وبدون سابق انذار غيرت غرفة النقل موقفها هذا من القرار ورحبت به وايدته وأعلنت تنفيذه فوراً وناشدت الوزارة أن تتمسك بالتطبيق واتضح أن التطبيق حقق زيادة في رسوم نقل الصادر والوارد معتبرة لصالح أصحاب الشاحنات ومازال الجدل سائراً حول صحة الأرقام التي يقدمها كل فريق ليدعم وجهة نظره وأعضاء فرقة النقل يعتبرون أن الزيادة لم تكن كبيرة وأن رسوم النقل ما زالت أقل من التكلفة بينما يؤكد المصدرون أن الزيادة التي حدثت بلغت نسبتها مائة وثلاثين في المائة وأنها تجاوزت أي تسعيرة معقولة وأن لأصحاب الشاحنات مصلحة في انفاذ قرار تخفيض الحمولة لأنه يخلق ندرة في مواعين النقل والمصدرون مضطرون لدفع سعر الترحيل المبالغ فيه لأنهم مرتبطون بعقود صادرات وتتضمن تلك العقود بنوداً عقابية اذا ما تأخروا في الالتزام بمواعيد التصدير.
في مواجهة حوارية بين الطرفين لفت نظر الموقف النهائي لكل طرف: ممثل غرفة النقل طالب ممثلي غرفة المصدرين بالجلوس معهم ومناقشة الأمر مؤكداً القدرة على الوصول لاتفاق فرد عليه ممثل المصدرين بأن غرفة النقل هي التي رفضت الحوار حول الأمر بداية ورأت أن تستفيد من قرار الوزارة وأن تتجاوب مع قرار تحديد الحمولة وكذلك فإن المصدرين سيلجأون لنفس الأسلوب ويطلبون من الوزارة تجميد قرارها وبالتالي سيوفر فائض في مواعين النقل وستنخفض أسعار الترحيل تلقائياً بحكم آليات المنافسة في السوق المفتوح!!

هذا الصراع يكشف الى أي مدى يمكن التلاعب بآليات السوق عند التطبيق الخاطئ لسياسات التحرير والى أي درجة يمكن استغلال القرارات الحكومية لصالح هذا الفريق أو ذاك- والصراع الحالي سببه قرار وزاري بتخفيض حمولة الشاحنات وتنفيذ القرار سيخلق تخفيضاً في حجم فرص النقل المتاحة وبالتالي ندرة في مواعين النقل يترجم الى زيادة كبيرة في أسعار النقل وتجميد القرار الوزاري على العكس من ذلك يحدث وفرة في مواعين النقل وارتفاعاً في الأسعار لصالح أصحاب الشاحنات وكلا الطرفين يوالي الضغط على الحكومة ممثلة في وزارة النقل لكي تتخذ القرار الذي يعمل لصالحه بصرف النظر عما اذا كانت الحمولات الكبيرة تضر الطرق فعلاً أم لا تلحق بها ضررا!!

محجوب محمد صالح
صحيفة الجريدة