مقالات متنوعة

المالية .. ما لاقين وزير..!


حتى الآن يتجاهل السيد بدر الدين محمود قسمه الغليظ بأنه (لن يستمر وزيراً بعد إجازة الميزانية)، و آخر تصريحاته في هذا الشأن (أن الاستقالة أمام أجهزة الحزب).. و ما رشح من معلومات أن الحزب في حيرة من أمره، و لا يوجد بديل مناسب، خاصة و أنه لا أحد عاقل يفكر في ركوب مركب الميزانية الغارقة، و لعل هناك اختلاف في ترشيح أحد الشخصيات التي تشغل منصب وزير دولة، أحد نافذي الحزب وصف هذه الشخصية بأن ( وزير دولة ذاتها كثير عليه)، الحزب المليوني تلفت يمنة و يسرة فلم يجد أفضل من استمرار بدر الدين، رغم النقد الذي تعرض له في البرلمان، و في كل مكان، وزراء المالية السابقين من لدن حمدي و حتى علي محمود لا حظوظ لهم حسب نافذين في الحزب الحاكم، حمدي يرى الحل في رهن أصول الحكومة، بينما علي محمود طالب الشعب بأن يأكل (كسرة)، كلا الرجلين لا يعلمان أن تحدي الميزانية أكبر من ذلك بكثير.

لا خلاف في أن بدر الدين ليس أفضلهم، و لكنه لم يخلق عداوات مع مراكز القوى و المصالح داخل المجموعة الحاكمة، و حاول إرضاء الكبار، و لذلك لم يصبه (رصاص طائش)، أو تطاله حرب الملفات رغم أن ملفات عديدة لم تتحرك و لم تغلق ربما حفاظاً على ماء و جه الرجل.
في كل الأحوال، لو بقي بدر الدين أم اهتدى القوم لمن يخلفه، فهو مطالب قبل مغادرة المنصب، أو الاستمرار فيه، بأن يعلن على الملأ إقرار ذمته المالية، و أن يعلن حسب القانون ما للأبناء و الأزواج، و سيادته مطالب بأن يفسر العجز في موازنته و الذي بلغ حسب بيانه أمام البرلمان (18.5) مليار جنيه، ومن أين أتى التباين بين إجمالي المصروفات (83.7) مليار كما وردت في الخطاب، و بين أجمالي المصروفات حسب جداول اعتمادات المصروفات، و الذي بلغ (96) مليار جنيه، و كيف بلغ العجز (2.1%) منسوبآ لإجمالي الناتج المحلي الذي قدرته الموازنة بمبلغ (698) مليار في نهاية عام 2016م، بمعدل نمو (5.3%) حتى نهاية 2017م، و لو شكلآ تم قبول هذه الافتراضات الغير واقعية، فإن العجز يبلغ (2.5%) ، وهذا فرق كبير بالنسبة للناتج المحلي.

أشهد الله، إنني حاولت أن أجد أي مصداقية لمبلغ الناتج المحلي، فلم أجد.. و هذه مناسبة لأدعوا كل المهتمين و أهل الاقتصاد أن يعكفوا على جداول الميزانية ربما فاتني شيء، هل الأمر تقدير و السلام؟ و أن كان كذلك فما مؤهلات و خبرات من يعتمد هذه التقديرات؟، و عليه فلا يمكن احتساب عجز الموازنة بمشروع إجمالي الناتج المحلي، و أن كانت أرقام دقيقة فأين هي الأرقام؟ هل يملك السيد الوزير تفاصيل مساهمة القطاع الخاص؟ و الإنتاج الحيواني و الزراعي؟ هل هناك أي بيانات عن الحرفيين و الصناعات الصغيرة؟ و هل هناك أي إحصاءات عن النمو العقاري و العمراني؟..
الموازنة خلت تماماً عن أي تقديرات للدخل القومي .. و نصيب الفرد من الدخل القومي، لا تقديرات لنمو السكان و مساهمة النشاطات في زيادة الدخل القومي، لا أرقام و لا تقديرات عن عدد الفقراء.

أغرب ما في هذه الموازنة افتراضها عجزآ لبند المصروفات الأخرى، وهي أصلاً مصروفات غير معتمدة لبند محدد،
لا شك أن القوم لن يجدوا عبقريآ لفك شفرة موازنة بدر الدين، وسينتهي العام، و تقوم قيامتنا، و لن يفهم أحد طلاسم موازنة بدر الدين، حتى بدر الدين نفسه، و الله وحده يعلم لماذا لا يوجد من يخلف بدر الدين.

ما وراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة