دفار البرلمان
* تخيلت نفسي وأنا (أدافر) وأكابس في بص أو حافلة ركاب أو دفار لإيجاد مقعد، وأنا أقرأ خبر إجراء البرلمان لترتيبات بشأن تجليس النواب الجدد البالغ عددهم 64 عضواً جديداً والذين سيتم تعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية، انفاذاً لمقررات الحوار الوطني، ليصبح العدد الكلي 490 نائباً.
* خبر مضحك ومبكي ومثير للشفقة في آن واحد، إذ كيف يفكر هؤلاء المسؤولين والبلاد تعاني ضائقة في كل شيء وعلى جميع الأصعدة، وهم لا زالوا (خارج نطاق التغطية الوطنية)، ويتفننون في تقسيم الكيكة فيما بينهم بالتربيت والطبطبة بالمناصب الوهمية التي تأتي خصماً على خزينة الدولة التي تنتعش من ظهر وعرق المواطن.
* تحدثنا عن ما يسمى بالحوار الوطني، وساءنا ما جاء به من مقررات لا معنى لها خاصة فيما يختص بتعيين نواب جدد بالمجالس التشريعية من الكومبارس و (أحزاب الفكة)، وإبتداع منصب رئيس وزراء بدون صلاحيات، وأشبه ما يكون بـ(عمدة خالي أطيان)، ومع ذلك يتكاثر السؤال: (ماذا سيستفيد المواطن من هذه الجيوش الجرارة من النواب الجدد؟
* ماذا سيضيف هؤلاء الضيوف الجدد وماذا سيقدمون أكثر مما قدم النواب المنتخبون؟ وهل سيكون دورهم تمرير الأجندة الجاهزة، والبصم على القرارات المصيرية؟
* مشكلة النواب الجدد في المجالس التشريعية بالولايات والبرلمان بالتأكيد لن تقف عند حد إيجاد مقاعد أو بنابر حتى، بل ستتعداه إلى عبء إضافي لخزينة الدولة وما يترتب على هذا التواجد (عديم الجدوى) من مرتبات ومخصصات وحوافز، والنتيجة بالتأكيد ستكون (صفراً كبيراً).
* النواب القدامى لم يقدموا حتى الآن ما يشفع لهم بنيل ثقة المواطن، فما بالك بنواب جدد لن يمثلوا الشعب بالتأكيد بل سيمثلون السلطة التي أتت بهم.
* وفي خضم ذلك تطالعنا (ترزية القوانين) بدرية سليمان بتصريح يشير إلى ايداع تعديلات جديدة في الدستور لم تسمها، بعد اضافة العضوية الجديدة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
* حكومة وفاق وطني جديدة، وأعضاء جدد لا يمثلون إلا أنفسهم ومن أتى بهم، المواطن البسيط لن يتسفيد منهم في شيء، ورغم ذلك يصر النظام على إكمال هذه المسرحية الهزيلة التي جعلت منا أضحوكة لكل من حولنا، وأظهرت دولتنا بالفقيرة سياسياً واقتصادياً، فقر على جميع الأصعدة وصل لتبلد الأفكار وتيبس في أطراف المعارضة والشعب على السواء.
* السودان يُدار بطريقة الهرم المقلوب، لم يعد ايجاد معالجات هو الهدف، بل تعميق ماهو موجود من أزمات وكوارث هو الهدف الأساسي والرئيسي للنظام، ومن يظن غير ذلك فهو واحد من ثلاث، إما أنه واهم أو ساذج أو منتفع.
* وفي كلا الحالات فالناتج واحد، هو إعلان السودان منطقة كوارث تستجدي العالم، وتبتز مواطنها.
* التعديلات الجديدة في الدستور ليس فيها بنداً واحداً يمكن أن يكون جديراً بالاحترام، بل جميعها تصب في مصلحة أفراد بعينهم وتمكينهم أكثر حتى ولو كان بقاءهم على جثث المواطنين.
* وجميع الأحزاب الموقعة على الحوار الوطني لا يوجد في قاموسها إسماً لمؤسسية أو سياسة بمعناها المعروف، بل سيطرة أفراد بعينهم، لهم ما لهم من أجندة ليس من بينها الوطن ولا الشعب، وأكاد أصدق الحديث القائل إن معظم هذه الأحزاب (صنيعة إنقاذية).
بلاحدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة