شكراً أهالي الجريف شرق
رسم أهالي الجريف شرق الجُمعة الماضية حُلة زاهية ، جسدت معاني الانتصار والتلاحم والتعاضد من أجل قضايا أهل المنطقة في إحتفالية (بسيطة) الاعداد، لكنها عميقة المعاني ضاربة في جذور الانعتاق والتحرر والمقاومة السلمية ذلك الوسام الموسوم به الشعب السوداني في منافحته ضد الظلم الذي يحيق به من الأنظمة الشمولية.
كانت الأضواء خافته والمكان هو ذات المكان (ساحة الاعتصام وما أدراك ما الاعتصام) ، لحظة وصولنا وجدنا فرقة تصدح بمديح الرسول الكريم ويكاد يُخيل لك أن هذه الاحتفالية أشبه باحتفاليات الحزب الحاكم التي تحرص على تقديم هذا النوع من الإنشاد ، ولكن ما لا يعرفه الناس أن الحركة الإسلامية نفسها أستلفت مهاد أدبياتها الانشادية من الختمية و(أقبل على دربنا لوكنت ظمآنا) و(صلاة لله في سري وجهري) هي من تواشيح المراغنة ولم يؤلفها سيد قطب أو القرضاوي ، ولذلك كان من الطبيعي أن تكون المدائح هي الصوت الأعلى في ميدان الاحتفال ، فالمنطقة توالي الختمية وغيرها من الطرق الصوفية الآخرى.
هرعوا كما كانوا يتقدمون الصفوف في مطالبة الحقوق كل الأهالي شيباً وشباباً ونساءً وأطفالاً نحو ساحة الاحتفال.. إبتسامتهم وترحابهم تحس فيها نداوة (خضار) طين الجروف، والحميمة العتيقة والتماذج والانسجام المتسربل بالوفاء ، والأصالة السودانية .. وصورة شهيدهم وضعت في أعلى مكان ، وتحتها لافته كتب عليها اعتصام أهالي الجريف شرق من أجل قضايا المنطقة ، هذا الاعتصام الذي دفعوا فيه شهيد وسالت دماء أبناؤهم على الأسفلت وأعتقل بعض أعضاء لجنته، جسد للجميع أن الرماح إذا إجتمعن لن يتكسرن وأن الإرادة إن كانت على قلب رجل واحد فالنصر آت لا محالة.
من الواضح أن أهالي الجريف باعتصامهم الذي إستمر عامين سطروا (روشتة) جديدة في (كراسة) المطالبة بالحقوق سلماً سيسجلها لهم التأريخ السوداني وستكون شاهد عدل وسابقة قضائية لكل من تسول له نفسه التغول على حقوق الأهالي دون وجه حق حتى وإن كان يمثل
الحكومة ، فما ضاع حق وراءه مطالب.
كثيرة هي دعوات المشاركة التي تقدم للصحيفة في الاحتفاليات وكذلك التكريم ، ولكن عهدت أسرة الصحيفة على نفسها عدم الاهتمام بالتكريمات باعتبار أن الأمر رسالة ولا يحتاج لثناء أو إطراء ، ودرج رئيس مجلس الادارة على مقولة حفظناها ظهراً على قلب (نحنا ما ناس قشرة) وتكفينا اتصالات القراء التي تضخ فينا معنويات تفيض علينا من زاد الاستمرارية من أجل صحافة تهتم بالمواطن أولاً وأخيراً.
لم نحس أبداً بأن إستجابتنا لتكريم أهالي الجريف ل(الجريدة) أننا في تكريم زائف من تكريمات (القشرة) واحتفالات (الفنادق الخمسة نجوم) والمؤتمرات الصحفية التي يتبعها غداء فاخر به مالذ وطاب ، ولكن إحساسنا صدق عندما وجدناهم في تلك البقعة المباركة التي نفذوا فيها اعتصامهم وصمدوا حتى نالوا مرادهم وكانت كلماتهم لنا أكبر من الوشاحات التي زينوا بها أكتافنا وهي (نكرم الجريدة لوقفتها معنا في قضيتنا من أجل حقوق أهل المنطقة) ، شكراً أهل الجريف
شرق وهذا التكريم يعني لكل أسرة الجريدة مزيداً من التحدي من أجل صحافة (المواطن) التي عقدوا لعزم بأن يكونوا قادة لها مهما كلفتهم التكاليف.
الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة