جبل عامر… وسيادة السودان على كامل اراضيه !
الرد الذي قدمه وزير الداخلية عندما سئل عن الاوضاع في منجم جبل عامر كان واضحاً ولا لبس فيه ولا غموض فالمنجم محتل بواسطة مجموعة بقوة السلاح وهي تمتلك سلاحا يفوق قدرة الشرطة وأنه يعتزم أن يستعين بالقوات المسلحة لاجلائهم عن هذا الموقع الذي احتلوه بطريقة غير شرعية- تلك كانت هي الرسالة الواضحة التي وجهها وزير الداخلية بصرف عما إذا كانت تلك المجموعات سودانية أو هم أجانب وافدون من دول الجوار الأفريقي ففي الحالتين هي مجموعات إحتلت الموقع بالقوة وحافظت عليه بالسلاح وأنها بذلك تعتدي على سيادة الدولة السودانية، وإذا كانت المجموعة أجنبية فإن الجرم يصبح أفدح ولكن لا يغير طبيعة ذلك العدوان لو كان من قام به سودانيون.
من قبل ترددت أحاديث كثيرة عن هجرات غير شرعية لقبائل ذات جذور عربية دخلت السودان من دول الجوار الافريقي بتدبير مسبق لكي تغير التركيبة السكانية في دارفور وأن تلك المجموعات الأجنبية استهدفت الاقامة في مناطق بعينها وإخلاء تلك الأماكن من سكانها الأصليين- وقد ظلت هذه المعلومات مثاراً للجدل بين من يؤكدون صدقيتها ومن يشككون في صحتها ، ولكن في كل الحالات لم تكن هناك اشارات لدخول جماعات أجنبية مسلحة تسليحاً يفوق قدرات وإمكانات جهاز الشرطة ولذلك، فإن ما كشف عنه وزير الداخلية يكتسب أهمية كبيرة خاصة تحت الظروف الحالية في إقليم دارفور.
لقد تصدت جهات شعبية وأمنية أخرى لنفي المعلومة وتأكيد أن منطقة جبل عامر ليس فيها أجانب وأن الذين احتلوا المنجم هم مواطنون سودانيون، وحتى لو صح هذا الادعاء فإنه لا يجوز حتى بالنسبة للسودانيين، أن يحتلوا بالقوة منطقة لم يحوزوا عليها بطريقة شرعية فهذا انتهاك لسيادة الدولة وتمرد على السلطة واستيلاء بالقوة على ممتلكات سودانيين آخرين وما من دولة يمكن أن تسمح بذلك وإن غضت السلطات الطرف عن مثل هذه الممارسات في منطقة مثل دارفور تعيش في كنف صراعات دموية فإن ذلك سيغري بالمزيد من انفراط الامن وسقوط سلطة الدولة في ذلك الاقليم.
على ان الجهة الحكومية المسئولة فعلاً وواقعاً عن بسط نفوذ الدولة والتي تمثل خط الدفاع الأول عن تلك السلطة هي وزارة الداخلية وهي المعنية بضبط الهجرات الشرعية وغير الشرعية ومعرفة تحركات الوطنيين والأجانب ، ومن ثم فإن توصيف وزير الداخلية لهذه الجماعات بأنها جماعات (أجنبية) يبقى هو التوصيف المعتمد رسمياً من جانب الدولة والذي تحرك على أساسه وتتخذ على ضوئه من الخطوات ما يؤكد سيادة الدولة على مجمل اراضيها بصرف النظر عما تردده جهات أخرى- ومهما كانت الصعوبات الأمنية التي تحيط بالموقف في أقليم دارفور كله فان تلك الأوضاع لا تعني غياب الدولة أو السماح بانتهاك سيادتها.
محجوب محمد صالح
صحيفة الجريدة