تقارير المراجع العام … والحرث في البحر!!
• القائمة الطويلة من المخالفات المالية التي استعرضها تقرير المراجع العام عن الاداء المالي لولاية الخرطوم تقدم رصداً لأوجه الخلل التي ثبت أن تصاحب كل الممارسات المالية في اجهزة الحكومة السودانية المختلفة – أجهزة الحكومة الاتحادية وأجهزة الحكومات الولائية والمنظمات والمفوضيات والهيئات المستقلة التي تتبع للحكومة – فقد انهارت آليات الضبط والمراقبة والمحاسبة وساد شعور بأن القوانين واللوائح لم تعد فاعلة وليس هناك من يراقب ويحاسب على انتهاكاتها.
• لقد رصد التقرير مخالفات تتعلق بتشكيل لجان دون تحديد قيد زمني لعملها ويترتب على تشكيلها صرف حوافز شهرية مفتوحة ولا تقدم تلك اللجان تقارير شهرية حول مدى التقدم الذي أحرزته مع أن صرف الحوافز لاعضائها يتواصل بالمخالفة للقانون واللوائح مما يترتب عليه إهدار للمال العام ، وأوصى التقرير بالالتزام بلائحة الحوافز والمكافآت المالية والحوافز وتحديد الفترة الزمنية لعمل اللجان.
• هذا الخلل يتكرر في كل اللجان التي تشكلها الاجهزة الاتحادية والأجهزة الولائية الاخرى وفي واقع الأمر أن تشكيل تلك اللجان وسداد تلك الحوافز لا يعدو ان يكون وسيلة لمنح مالا إضافي للموظفين ولا يحتاج له العمل الرسمي إنما تشعر الاجهزة الحكومية بأن مرتبات المسئولين لا تكفي وأنهم يحتاجون لدعم أولئك الموظفين فتنشأ اللجان لهذا السبب وليس لأن مصلحة العمل تحتاج لوجودهم .
• وتوقف التقرير طويلاً عن قضية (التجنيب) وهي قضية أثير فيها مداد كثير لكن الممارسة لم تتوقف بل صورتها أصبحت أكثر ذكاءً بتحويلها إلى بند الأمانات وقد رصد تقرير الولاية أن حساب الأمانة قد إرتفع الى أكثر من تسعة مليون جنيه ويتم الصرف منه على الحوافز والمكافآت والدعم والنثريات وهو إجراء مخالف تماماً لإحكام قانون ولائحة الاجراءات المالية والمحاسبية – والإسلوب الحالي يقوم على أساس زيادة قيمة الرسوم التي تتحصلها الأجهزة باضافة بنود غير قانونية ورصد حصيلتها في حسابات العهدة وبالتالي الصرف منها – وهذا تحايل واضح على الواد التي منعت(تجنيب) الايرادات- وفي هذا الاطار نبه التقرير -أيضاً- الى ممارسات غريبة تتمثل في استلام (تبرعات) خيرية دون ايصالات مالية وهذا يعني أن يدخل مال مجهول في الذمة الحكومية دون وجود مستند يحدد المبلغ والجهة الداعمة ثم يصرف المال دون أن يكون عرضة للمحاسبة لأن أصلاً غير وارد في الميزانية.
• ولاحظ تقرير المراجع العام تحصيل رسوم ليس لها سند قانوني وهي لا تتمتع بمشروعية ولم تجيزها الهيئة التشريعية ولذلك فهي خارج مواعين التحصيل الأمر الذي يؤدي إلى التلاعب بالمال العام وتحميل المواطن أعباء غير قانونية اضافة الى ممارسات أخرى خاطئة.
• كل هذه القضايا تتكرر بصورة راتبة في معظم التقارير التي يصدرها المراجع العام وتتكرر من عام لآخر مما يعني أن الجهاز التنفيذي لا يحس بأنه ملزم بأن يتقيد بتوصيات المراجع ولا بإصلاح الخلل الذي يكشف عنه ذلك التقرير- ويكاد المسئولون التنفيذيون يقول – إن تقارير المراجع العام مجرد حرث في البحر!!
محجوب محمد صالح
صحيفة الجريدة