حديقة غنى فيها العندليب.. فأصبحت موطنا للرومانسية بمصر
غنى فيها العندليب الأسمر أول أغانيه “صافيني مرة”، التي لم تعجب الجمهور فانصرف عنه.. لكنه لم ييأس وواصل أداء أغنيته حتى حازت إعجاب الجماهير. ذلك المكان هو حديقة الأندلس، والتاريخ هو تحديدا 18 يونيو/حزيران من العام 1953.
وقد أحيى يومها عبد الحليم حافظ “حفلة أضواء المدينة” بحديقة الأندلس التي اعتبرها حفلته الرسمية الأولى، وهي كانت أيضا أول احتفال رسمي بإعلان الجمهورية في مصر بعد ثورة يوليو. وبعدها باتت الحديقة بمثابة “وش السعد” للعندليب، فأحيا فيها عدة حفلات جماهيرية كبيرة، كما أدى فيها أجمل الأغاني التي غناها لبطلات أفلامه.
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان كشف لـ”العربية.نت” تاريخ هذه الحديقة التي تحولت الآن إلى ملتقى للعشاق وموطن للرومانسية، وقال إن الحديقة تقع بشارع الجزيرة في مواجهة كوبري قصر النيل بالقاهرة ومسجلة منذ 2009 ضمن الآثار التي أنشئت في العصر الإسلامي. وصورت في هذه الحديقة أفضل الأفلام لعبد الحليم حافظ وهو يتغنى بجمال أشجارها وزهورها لبطلات أفلامه فاتن حمامة وماجدة وآمال فريد، كما صور بها مشاهد فيلم حليم للفنان الراحل أحمد زكي.
وشرح أن الحديقة أنشأها محمد بك ذو الفقار عام 1935 في أواخر حكم الملك فؤاد الأول، وتقع على مساحة فدانين من أجود الأراضي الزراعية، وتوجد بها أشجار معمرة مثل شجرة “عُدي” الذي يتجاوز عمرها 90 عاماً، وجوسق حافل بالزخارف الأندلسية العربية الهندسية والنباتية، ويتوسط الجوسق تمثال لأحمد بك شوقي، أمير الشعراء وإلي ذلك جنوبا نافورة رخامية ثمانية الشكل يتوسطها عامود رخامي تحيط به ثمانية تماثيل لأسود ينبثق منها الماء ويحيط بها ثمانية ضفادع رخامية.
وأوضح أن للحديقة ثلاثة أبواب، الجنوبي هو المواجه لكوبري قصر النيل وتليه لوحة رخامية مسجل عليها تاريخ الإنشاء والتعريف بالحديقة وهو مخصص لكبار الزوار، أما البابين الآخرين في السور الجنوبي للحديقة فأحدهما مخصص لدخول الجمهور والآخر للعاملين بالحديقة.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن الحديقة أُغلِقت لمدة 10 سنوات من عام 1991 حتى 2001 لأعمال الترميم الخاصة التي قامت بها محافظة القاهرة وافتتحت فى 23 أبريل/نيسان 2001 وسجل ذلك في لوحة رخامية بالقسم الفرعوني منها.
وأوضح الخبير الأثري أن هناك دراسات للمهندس محمد سعيد عن أشجار الحديقة النادرة ومنها النخل الملوكي من عصر الإنشاء ونخيل الأوروزكسا، حيث توجد نخلتان نادرتان بالحديقة اسمهما العلمي “سيكاس”. وتلتف الحديقة في الجزء الأوسط بستارة من أشجار “الفيكس”، أما المدرجات فهي مزروعة بالنجيلة تتوسطها أحواض من الزهور بأنواعها المختلفة منها زهرة أرولة بألوانها الأحمر والأصفر والأبيض وزهرة لانتانا كامارا الصفراء وزهرة ألونكا بعدة ألوان والورد البلدي. وقد أضيفت هذه الزهور على مراحل زمنية.
ويسوِّر الحديقة أشجار الفيكس النتدا والدورنتا بجميع أنواعها والفيكس البلجامينا والفيكس الهواي، وتتجمل الفردوس بأشجار السرو العدى، رمز الخلود، والسرو الليمون وهي شجيرات السرو التي ترتفع 3 أمتار، أما السرو العدى فيتجاوز ارتفاعه 10 أمتار وما فوقها.
وطالب الدكتور ريحان بتحويل الحديقة لمتحف لروائع العندليب يضم أفلامه وأغانيه ومقتنياته وكل متعلقاته للعودة للزمن الجميل من خلال إحياء فن عبد الحليم وجيله الفني الراقي.
العربية نت