أعداء الأمس أصدقاء اليوم والعكس
هذه المقولة أوالحكمة تكثر فى عالمنا وقد يكون أكثرنا عاش هذه التجربة أو مرت عليه فى حياته سوى كان طالبا أم موظفا أو مسئولا . يستفيد الشخص من صداقة العدو أو من عداوة الصديق تجربة و نقاط مهمة تظهر له بعد تلك العلاقة ليوظفها فى القادم بصدر رحب أو بحذر شديد . حديثنا هنا عن تجارب الحكومة مع اصدقائها وأعدائها وما وصلت إليه العلاقات والتعامل بعد تلك التجارب وتطابق تلك الحكمة . إذا تحدثنا قبل إنشقاق المؤتمر الشعبى من الوطنى بحياة الترابى عليه رحمة الله نرى تلك الصداقة كانت للأهداف ومصالح باطنها باطل وظاهرها مخادع وعندما لم تتحقق تلك الأهداف وتوسع الخلاف للعلن حتى وصل الإنشقاق ثم التهديد فى وسائل الإعلام وبعد موت الترابى تحولت العداوة الى صداقة مرة أخرى .
الذى كان يسمع ويقرأ سابقا حديث الأمين السياسى للمؤتمر الشعبى فى وسائل الإعلام والصحف والندوات يتأكد من العداوة والفجوة الواسعة ومن بعض الأهداف المبطنة وها هو اليوم ينادى بعكس ما كان يصرح به ، هذا لم يكن مع الحكومة فقط بل مع الأحزاب المعارضة الأخرى وهى سياسة المصالح وتحقيق الأهداف وحب السلطة والسيطرة وليس لمصلحة الوطن . نفس الشىء ينعكس على باقى الأحزاب الأخرى والحركات المسلحة بينها وبين الحكومة والمعارضة . هنا تظهر عدم الوطنية والقناعة والمبادىء والأهداف . لهذا تفرض الحكومة قراراتها على الشعب والشعب كان يعول على المعارضة بالدفاع عنه لكن سرعان ما يكون الشعب محايد بعد أن إتضح له النوايا والأهداف للخصمين .
زعيم حزب الأمة لم يستطيع أن يوحد الحزب ولا أن يحدد أهدافه الحزبية والشخصية والوطنية وذلك بدليل أنه يوما مع الصديق ويوم مع الخصم ولم يستطيع أن يحافظ على علاقاته مع دول الجوار أو الشخصيات العالمية وأضاع عمره بين السعى لحب السلطة والمناضل السياسى البارع والمتحدث اللبق حتى وصل به الحال ليحتفل بعيد ميلاده وهو يعلم أن الإحتفال بعيد الميلاد بدعة محدثة . ولا يقل ذلك عن زعيم الحزب الإتحادى لكنه إحتفظ بعلاقته المتأرجحة بين المعارضة والحكومة وقيس عليه باقى الأحزاب .
معارضى السلاح والخداع أمثال مناوى والحلو وعرمان وعقار ومحمد نور وخليل سابقا كانوا أصدقاء للحكومة ثم أعداء أو أعداء ثم أصدقاء ثم أعداء وفضلوا المناورات لانها توفر لهم الإقامة فى الفنادق الفخمة والإعاشة والدعم فى أكبر الدول الأروبية وتظهر نواياهم ما تخفيه صدورهم . هؤلاء لآ وطنية لهم ولا مواطن يهمهم . أما الشعب مع الحكومة كان صديقا مخلصا لها حتى حققت الحكومة أهدافها فأصبحت تظهر العداوة له وذلك بزيادة الأسعار وتجفيف المشاريع الإنتاجية والصالح العام والتهجير وتضيق الفرص عليه وتهديدهم بلحس الكوع والدايرنا يطلع الشارع يقابلنا حتى وصل الى أن يعصر زيتهم . أما مع المعارضة كان يؤمل عليها النصر والعيش الكريم فى رغد وأمن وإستقرار وتنمية وحرية وعدالة لكنها خيبت ظنه وخزلته أكثر من مرة حتى أنه خرج لها ولم يجدها ولهذا أصبح بين أمرين جرب الأصدقاء وأصبحوا أعداء وجرب الأعداء وأصبحوا أصدقاء بباطن أعداء .
الحكومة أفقدت الثقة فى المعارضة وذلك بشق صفها الهش وكسرت حاجزها الزجاجى لتجد أعداء الأمس يتوددون إليها وأصدقاء اليوم يبتعدون عنها وقلوبهم معها لتدور الدائرة مرة أخرى وتنعكس الصورة وهى لعبة القط والفأر التى يؤلف فيها الكثيرون قصصا محزنة ومضحكة أقرب للواقع . كذلك نجحت الحكومة فى بعض العلاقات الخارجية التى أستغلتها فى الضغط على أعدائها ليصبحوا أصدقاء ظاهريا ويضمرون الكثير داخليا .
وعي الشعب ومعايشته لتلك التجارب تجعله أكثر حذرا وترقبا ويئسا من التشكيلة الحكومية الجديدة أذا أنها لا تقدم جديدا مادام النوايا باطنية والأهداف شخصية والإبتسامة الخداعية ظاهريا . الذى لا يستند للحق والشرع والوطنية والعدل ليس بحق ولا يرجى منه خيرا . نخشى أن تنطبق تلك الحكمة مع القوات المسلحة و قوات الدعم السريع وتلك هى الكارثة الكبرى ولنا تجارب لما يحدث بين الحركات المسلحة وإنشقاقاتها لآن من يصدر الأوامر ليس مثل من يؤمر بتنفيذها وهو كان فى يوم يأمر . ولنا تجربة أخرى بدولة الجنوب التى صوتت بالإجماع للإنفصال ولكن عندما ظهرت النوايا الباطنة والأهداف المخفية والمطامع الشخصية أصبح الجنوب يبحث عن الوحدة والسلام . والحذر الحذر من السياسة المصرية وجنوب السودان لانها تبطن ما لا تُظهر حتى لا يكونوا أصدقاء اليوم أعداء الغد لكن الوسطية والحذر والترقب واجب .
عمر الشريف