مقالات متنوعة

العالم يترقب


تابع العالم أمس باهتمام بالغ وقلق وترقب مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب… ليس- فقط- لأنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لأنه أثار جدلاً منقطع النظير منذ أول يوم ترشح فيه للرئاسة.. الآلاف تظاهروا مؤيدين لترامب.. والآلاف تظاهروا احتجاجا على تنصيب ترامب رئيساً.. رئيس يصعد إلى السلطة وسط آلاف المناوئين من شعبه، وتلاحقه تُهم التحرش بالنساء.
كان العالم ينتظر خطاب التنصيب؛ لُيحدد ما إذا كان ترامب ملتزماً بخطابه الانتخابي، أم أسقطه بعد الوصول إلى البيت الأبيض.. كان خطابه منكفئاً على الداخل الأمريكي.. رفاهية الشعب، ومساواته في الحقوق، التركيز على البنى التحتية، إعادة النظر في التعليم، الوظائف.. ثم حماية الاقتصاد، والحدود، لم يتعرض ترامب في خطابه إلى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، إلا بمقدار حماية حدود بلاده، ثم جملة واحدة حاسمة عن الإرهاب، حيث قال: سنجتث الإرهاب من جذوره، ذلك في إطار إسقاط تحالفات قديمة، وبناء تحالفات جديدة.
إذن أمريكا أولاً وفق ما ذكر.. لكن ماذا بشأن العلاقات الخارجية، وكيف بالإمكان حماية أمريكا دون تعاون خارجي، وصرف الترليونات التي انتقد ترامب صرفها في الخارج؟.. أكمل ترامب خطابه، وترك الكثير من الأسئلة حيرى، ولا يزال الترقب مسيطراً.. مذيعة العربية الحدث، ألقت على السفير الأمريكي السابق في سوريا، أكثر من (4) أسئلة، جميعها كان يرد عليها بـ (علينا أن ننتظر قليلا، لا شيء واضح الآن).. الجميع لا يعلمون ما سيكون عليه مصير أمريكا، والعالم.

إذا ما واصل ترامب أهدافه التي تُركز على الداخل الأمريكي- وهذا هدف بدا واضحاً بشكل لافت في خطاب التنصيب- يعني أن نفوذ الولايات المتحدة في العالم سوف يتراجع كثيراً لصالح قوى أخرى بدأت منذ فترة في استعراض قوتها.. وستصعد هذه القوى التي بدأت- فعلاً- بناء تحالفات في أعقاب الأزمة السورية.

يبقى أن كل هذا هو كلام، يُنتظر أن يدخل مرحلة الفعل.. المتوقع- وفق ما تطابق البرنامج الانتخابي مع خطاب التنصيب- أن يتحول هذا الخطاب إلى واقع فعلي.. لكن كيف؟، الجميع ينتظر ويترقب أول قرارات ترامب بشأن كل ما تعهد به.
لكن المسألة الأهم التي ذكرها ترامب أن أمريكا لن تفرض أسلوبا معينا لتطبيقه في الدول الأخرى، إلا بمقدر ما يمس حدودها وأمنها واقتصادها.. يعني أن مسائل الحريات والديمقراطية لا وجود لها في برنامج ترامب لا في أولوياته ولا في آخر القائمة.. وهذه كانت شعارات الحكومة الأمريكية السابقة، وظلت ترفعها، وإن كانت غير صادقة فيها، إلا إنها استخدمتها ووظفتها على نحو يجعل حكومات المنطقة ترضخ عنوة وتستجب لها.. أما الآن فقد تبدل الوضع.

شمائل النور
صحيفة التيار