حكومة الرديف
* من أبرز ملاحظاتي على حكومة الانقاذ، عشقها اللا محدود (للتناسل) في كل شيء، و بمعنى أصح وضعها لاحتياطي أو رديف لأي مؤسسة حكومية .
* فمثلاً نجد أن أي وزارة بجيشها الجرار من وزراء ووزراء دولة ووكيل ومدراء ادارات وكبار وصغار موظفين وعمال مناط بها جانب معين من الجوانب الخدمية، لا بد وأن تصاحبها في آداء هذه المهمة (شركة او هيئة أو مؤسسة) موازية بطاقم مدراء ورؤساء أقسام وموظفين وعمال، لتأدية ذات الغرض، ويتم التحايل على ذلك بتسميتها (الشركة الوطنية، أو المؤسسة الوطنية أو الهيئة القومية، وهلم جرا).
* ولو سألت عن دور هذه الشركة أو المؤسسة الوطنية، ستجد أن عملها لا يخرج عن عمل ودور الوزارة سواء أكان في أهداف وخطط الوزارة وحتى لائحتها الداخلية لتنظيم العمل.
* فاذا نظرنا الى وزارة الري سنجد الرديف لها هيئة المياه، ووزارة المعادن سنجد لها الشركة السودانية للتعدين.
* وزارة البنى التحتية والمواصلات، لها شركة موازية هي شركة مواصلات العاصمة على ما أعتقد أو شركة الخرطوم للنقل لا أدري، ولا ننسى المؤسسة السودانية للنفط التي توازي في عملها وزارة النفط، ووزارة البنى التحتية توازيها هيئة الطرق والجسور.
* شركة مطارات السودان القابضة، تقف رديفاً لها الهيئة العامة للطيران المدني، الامدادات الطبية يوازيها المجلس القومي للصيدلة والسموم، والمجلس القومي للسكان يقف جنباً الى جنب مع وزارة الاسكان، ووزارة البيئة لمن لا يعلم يوازيها ما يسمى بمجلس ترقية السلوك الحضري، ولا ندري عن أي بيئة يتحدثون ولا أي سلوك يعنون، ولا يفوت علينا المراجع العام الذي تتضارب اختصاصاته كثيراً مع هيئة الحسبة والمظالم، والإثنين ينحصر عملهما في كشف الفساد وسؤال الفاسد من أين لك هذا، ولكن وجودهما لم يغير في حجم الفساد ولا تناسل الفاسدين داخل الدولة.
* وزارة الشباب والرياضة، يوازيها بل ويتفوق علىها (الاتحاد الوطني للشباب السوداني)، الذي تأتي ميزانيته مباشرة من رئاسة الجمهورية، بينما اتحادات وزارة الشباب والرياضة بلا ميزانية، وقس على ذلك.
* هذه أمثلة فقط وليست احصائية تدل على حجم الفساد المقنن والاستهبال والاستغفال الذي يتم تحت بصر المواطن، ولا أحد ينتبه أو يسأل أو يعترض.
* فإذا كانت الوزارات موجودة بنص الدستور، فبماذا نسمي وجود هذه المجالس والهيئات والمؤسسات غير القانونية في ظل الوضع الاقتصادي المنهار؟
* واذا كانت وزارة المالية تطن وتئن من الترهل الوظيفي، ومن عجزها عن توفير الفصل الأول من مرتبات وأجور العاملين، وان كانت جادة جداً في سعيها لتخفيف العبء المعيشي على المواطنين، كان الأحرى بها تقديم خدمة وطنية كبرى بوقف العبث الوظيفي والاستهبال الذي تمارسه الحكومة من خلال هذه الأجسام الوهمية التي جففت ضرع الخزينة العامة بالمرتبات والمخصصات المليارية دون أن يكون هناك أي انجاز واضح للمواطن بل يعكس هذا الوضع الشاذ حجم الجرم الشنيع الذي ظل يرتكبه النظام لأكثر من 27 عاماً، في حق المواطن.
* هيئات ومؤسسات وواجهات لا يحتاجها المواطن العادي في شيء بل يرسم وجودها علامة استفهام كبرى في ذهن كل من يشاهد هذه الصور المقلوبة.
* البرلمان يعلم كل هذه الأجسام الوهمية ولم يفتح الله عليه بجلسة واحدة لمناقشة هذا الوضع الغريب، ورئاسة الجمهورية يبدو أنها مباركة لهذا الوضع، والدليل على ذلك سعيها لإضافة المزيد من المسؤولين والحاقهم للقطار الحكومي عبر (ترلة) الحوار الوطني، في الوقت الذي ينتظر فيه كل الشعب إجراء تعديلات جذرية عادلة تعيد للسودان شيئاً من الحقوق الضائعة.
* ننتظر حراك جاد لإيقاف هذا العبث من أي مسؤول يمكن أن يصحى ضميره فجأة.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة