مقالات متنوعة

مجزرة بورتسودان.. النسيان مُهلِك..!

* سنكون كالموتى إذا نسينا الذين غدر بهم نظام البطش في السودان؛ ولم نتخذ من (ذكراهم) محطة تجمعنا بالترحم على أرواحهم؛ والتفكر في رحيلهم؛ ومواساة أهلهم؛ وقبل ذلك مؤازرتهم بأي سند متاح.. إن حضور الشهداء بأفئدتنا؛ يحمل في طواياه رثاء حال الوطن الذي يحتضن القتلة دون عقاب.. وبعض السفاحين ينتفخون شحماً ولحماً؛ يتمتعون بالحياة؛ بينما أهل الضحايا تسري في أعصابهم الحسرات على الفقد الجلل.. ولا عدل ينصفهم سوى عدل الواحد قاهر الجبارين؛ ولو بعد حين..! إن جبابرة النظام السوداني غايتهم (الإفلات) من حساب الدنيا؛ لأنه أقسى عليهم من حساب اليوم الآخر (كما تزين لهم شياطينهم) إذ يرون هذا اليوم بعيداً؛ فلا يأبهون..!

* إحياء أهالي بورتسودان الأبرار لذكرى شهدائهم؛ مدعاة للإعتبار و(للأمل) بالقصاص ممن ارتكبوا الجرم العظيم.. فقد أبرزت (الجريدة) دون نظيراتها هذه المناسبة الحزينة في لفتة مطلوبة؛ وليست غريبة على صحيفة نهجها الدائم حمل قضايا المواطن السوداني؛ فهو (مركزها)..!
* جاء في خبر الزميل عبدالهادي الحاج: (أحيا المئات بمدينة بورتسودان الذكرى “12” لأحداث “29” يناير، والتي أدت لمقتل “23” شخصاً وإصابة “40” في العام 2005م. وأوضحت اللجنة العليا لشهداء 29 يناير؛ أن ملف القضية لم يتجاوز مرحلة التحري مع أولياء الدم، بينما أشاروا لإمكانية اللجوء للمحاكم الدولية من أجل الوصول للعدالة. وذكرت اللجنة في بيانها الذي وزعته ــ أمس الأول ــ أن القضايا التي استشهد من أجلها أبناؤهم لاتزال قائمة في كل محليات ولاية البحر الأحمر. وقال رئيس اللجنة سيدي أوشكور؛ إن المشاركة في إحياء ذكرى هذا العام كانت غير مسبوقة، مقارنة مع السنوات الماضية، الأمر الذي يؤكد تمسك الجميع بضرورة تحقيق العدالة والقصاص لدماء شهدائهم).
* أولاً: رغم حالة الغضب على فقدان الأنفس العزيزة في مجزرة بورتسودان التي ارتكبها النظام السوداني؛ تظل بعض الفرحة مباحة بهذا التدافع لبعث الذكرى المريرة؛ وجعلها متقدة بمطلب (العين بالعين والسن بالسن)..!

* ثانياً: لا أحد يطمح بأن يطالب قاتل بالقصاص (من نفسه)..! وانتظار السلطة المجرمة أن (تعدل) في هذا الملف يلزمه تحمُّل سنوات أخرى من الألم والمماطلة والتسويف؛ رغم أن الجاني معروف..! مع ذلك؛ فإصرار السلطة على التمادي في ظلمها يجب ألا يكون عقبة تتحطم عندها إرادة أهل الدم (الغالي)..!
* ثالثاً: حتى لو استحال التصعيد للقضية (دولياً) ابتغاء للمأمول؛ فليكن سعى أهل الوجعة حثيثاً للضغط في اتجاه (حق الشهداء) على كافة المستويات داخلياً وخارجياً؛ فالنظام السوداني (مرهف السمع) لأسياده وراء البحار.. لا قلب عنده؛ لا خاطر؛ ولا (أضان) لأهل الضحايا أو للشعب قاطبة..!
* رابعاً: وهو المهم: المجزرة ليست قضية أفراد محددين؛ بل قضية شعب، فعلينا ألا نهدأ ــ جميعاً ــ من التصعيد المستمر وفاء لشهداء الأمة السودانية في بورتسودان وغيرهاٍ.. فالهدوء مُهلِك كالنسيان..!
أعوذ بالله

أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة