تفاصيل ما حدث في لقاء النائب والزعيم القبلي .. (هلال – حسبو) .. هل يلطف لقاء (الواحة) حرور المواقف؟!
التقى بنائب رئيس الجمهورية، د. حسبو محمد عبد الرحمن، وبعث عبره برسالة شفاهية لرئيس الجمهورية عمر البشير عبّر فيها عن تقديره للأدوار التي يضطلع بها الرئيس، ثم تلقى وعداً من النائب بزيارته في محل إقامته.
لأول وهلة سيذهب قارئ (الصيحة) الأغر إلى أن اللقاء المشار إليه، انعقد -لا محالة- خارج البلاد، وذلك بحسبان أن صيغة الخبر ديوانية بامتياز. غير أن يقول الواقع بخلاف ذلك، حيث إن الشخصية الرفيعة المذكورة ليست خلا الزعيم القبلي القوي، زعيم مجلس الصحوة الثوري، موسى هلال، والذي التقاه نائب الرئيس تحت ظلال (الواحة) بشمال دارفور.
قوة بارزة
يعتبر زعيم قبيلة المحاميد، الشيخ موسى هلال، علماً على رأسه نار، بيد أن شهرته النارية لطالما كانت مصحوبة بتصريحات حرّاقة ظل يدلقها كل فينة من مقر إقامته بـ (مستريحة) بطريقة تبعث القلق عند عديدين سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور.
وقيل إن هلال تمرد في العام 2015، بعدما ترك المركز ودواوينه، ومهابة أن يكون شيخاً تحت قبة البرلمان، مفضلاً أن يكون بين ناسه، مرتدياً لبوس العسكر، ومتلفحاً بالغموض.
ولمّا لم تجد تلك المخاوف من يطامنها لا سيما بعد أن تجاوزته الترشيحات في انتخابات العام 2015م، التقى بمساعد الرئيس السابق، وزير الخارجية الحالي، بروفيسور إبراهيم غندور، والذي نزع يومذاك سخيمة هلال وأكد على أن مكانه على الدوام محفوظ.
الإطلالة اليتيمة لهلال في سماوات الخرطوم، كانت في حفل تنصيب الرئيس البشير، فبعدها تولى إلى الظل، وهو تولٍّ ينم عن هدوء الحال، أو ترقب العواصف، فكانت الثانية، حيث أعلن الرجل نيته تكوين حزب سياسي يترشح لانتخابات 2020 بعدما استيأس وجماعته من حزب المؤتمر الوطني.
وعليه، فإن لقاءه حسبو، بوزنه الثقيل في (الحكومة، الحزب، دارفور) عقب عامين من القطيعة مع المركز، لن يكون بالتبسيط المخل الذي ذهبت إليه جلّ الصحف، ولا شك إن ما لاح من جبل اللقاء، لا يرجم التوقعات التي هي بحجم (جبل عامر).
توصيف
قبل الغوص في سيرة اللقاء، نقول إنه من الصعوبة بمكان توصيف علاقة هلال بالحكومة، حيث تتوزع الآراء حوله بين رجل سلام معروف، وقيادي أهلي مرموق، وسياسي شديد الشكيمة، وذراع الخرطوم في دارفور، كما هناك توصيف له بأنه متمرد وثائر على ذات الحكومة.
ولضبط الوصف وتجليته، من لنا بخلاف عصا موسى، وذراعه اليمنى، هارون مديخير الذي ابتدر حديثه مع (الصيحة) بالاعتراض على التوصيف الذي يسحب هلال إلى منطقة التمرد، ومما قاله إن زعيمه رسول سلام، ويمثل لسان حال طيف واسع من أهالي دارفور، ممن يرجون التنمية والخدمات، ولكن بطرائق سلمية، وبأساليب سياسية.
نقطة تسوقنا مباشرة نواحي علاقة هلال بالحكومة، علاقة يقول عنها مديخير بأنها ليست في تمام كمالها، حيث تنقصهم التنمية، والتمثيل الحقيقي، مذكراً بمجاهداتهم الكبيرة لأجل فرض هيبة الدولة والاستقرار والسلم في الجزء الغربي من البلاد، وقال إن ذلك يستحق النظر إليهم بتقدير، لا على كونهم (بندقجية) حد تعبيره.
تفاصيل ما حدث
عطفاً على لقيا (النائب وهلال) يقول مديخير إن اللقاء تناول مسائل رتق النسيج الاجتماعي، وتلك نقطة من الأهمية بمكان في ظل الأساطير المؤسسة لجبل عامر، فهو جبل غني بالذهب، وبالمشكلات التي يلعب الزعيم القبلي دوراً مهماً في نزع فتيلها. وإن كان خصومه يقولون إنه من يوقد شعلتها.
وبتجاوز الجدل الذي لطالما لازم هلال، ولكن غير بعيد عنه تماماً، يواصل مديخير قوله بأن اللقاء تناول حل مشكلة الصراعات القبلية، داعياً السلطات الى جمع السلاح من أيدى المواطنين، وحصره في القوات المدربة المؤهلة، فليس هناك أسوأ من وضع سلاح في يد (أهالي).
وفي فاتورة المطالبات التي تم الدفع بها إبان اللقيا، مطالبة هلال بالابقاء على محلية (الواحة) وعدم تذويبها في التشكيل الحكومي المرتقب، ويتوقع له أن يشهد تقليلا لعدد محليات شمال دارفور.
وساق هلال من تحت ظلال أشجار (الواحة) مبررات يظنها كافية للإبقاء على محليتها بمنأى عن تقصير الظل الإداري، ومما قاله إن المحلية هي مجمع لقاء للعرب الرحل (دامرة). أما ما قول السيد مديخير في كتاب التفاسير فإن أية محاولات لدمج المحليات وتقليصها سيولد توترات لا حاجة لها البتة.
الحكمة مطلوبة
يقول أستاذ العلوم السياسية، د. الرشيد محمد إبراهيم، إن بروز هلال كقائد تم في ظروف استثنائية، حوله لاحقاً لمركز ثقل استراتيجي في دارفور، وهو ما يجعله بالتكريم والتمثيل السياسي، منوهاً في حديثه مع (الصيحة) إلى أن قبوع هلال -القائد الميداني- في منطقة رمادية يُصعب من تعاملات الحكومة معه، مشيراً إلى نقطة غاية في الأهمية وتقتضي أن يتم التعامل مع هلال بحكمة لحين الوصول إلى تسوية سلمية تنهي أزمة دارفور وتطوي ملفها المفتوح منذ العام 2003م.
ولكن مهما يكن الخلاف حول شخص هلال، فإنه لا مناص من وضعه في الصورة، متى أريد اكتمال حل أزمة دارفور بدراً يعود معه طلاب الخلاوى لترتيل القرآن دون حاجة لإشعال النار.
الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة