مقالات متنوعة

أهل الوطني .. يضربون بعضهم!


لم تمنع الاجراءات الأمنية المشددة، و لعل أهمها كان عقد الاجتماع بقاعة جهاز الأمن، ووصل الأمر ذروته باعتداء نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية هيناب محمد أبو هدية على عضو مجلس الشورى محمد عيديد، فأسقطه أرضاً و نقل للمستشفي لاسعافه، الاجتماع الهدف منه اختيار نائب رئيس للحزب ورئيس مجلس الشورى، وبدأت الأحداث عندما طالب الأعضاء بخروج نائب رئيس الحزب هيناب محمد و رئيس الحزب ورئيس محلية بورسودان أبو علي مجذوب أبو علي و هما ليسا أعضاء في المجلس، فرفضا الخروج من القاعة، عضو مجلس الشورى محمد أحمد أبوسن قال: (عندما أصروا على الجلوس اضطررنا لاستخدام القوة)،

بعد هذا أعلن هيناب أن الاجتماع قانوني و تم اختيار نائب رئيس الحزب ورئيس مجلس الشورى، مؤكداً إن الحزب معافي تماماً و هياكله مكتملة و مساحة الشورى فيه واسعة،،
لكم و ضرب وعنف واشتباك بالأيدى بعد تبادل الشتائم والألفاظ النابية وتسبيب جروح بالغة لأحد الأعضاء، هذا ليس فيلم سينمائي،أو فصل من مسرحية، هذا ما جرى بين أعضاء المؤتمر الوطني في بورسودان، و داخل قاعة جهاز الأمن، و لولا تدخل الأجهزة الأمنية و الشرطية لحدثت كارثة بين أهل الوطني.

ما حدث ليس جديداً و لكنه تطور نوعي في طريقة حسم الخلافات داخل الحزب الحاكم، بدأ هذا في ولاية الجزيرة بصراع ناعم بين الوالي ومجلس الولاية التشريعي بإسقاط خطاب الوالي، و تسيير المسيرات المؤيدة و المظاهرات المعارضة، وجرت ذات المعارك بدرجات متفاوتة من استخدام العنف، في ولايات أخرى.

أما ما لا يظهر للعامة فهو استخدام أسلوب (الحفر)، وهو عمل يومي يتفنن في آدائه أهل الوطني فيما بينهم و ضد بعضهم، وله وسائله ومجموعات ضغط و دولة عميقة تسنده، فلا يوجد مسؤول في أي مستوى ترك منصبه دون أن يدار ملفه من هؤلاء (أهل الحل و العقد)، ولا يتورع أحدهم أن يكشف عورة أخيه و فساده لحسم المنصب لآخر، وهكذا ظهر جيل من المسؤولين في كافة مستويات الحكم تسوقه مجموعات خفية، ونتج عن ذلك وجود مسؤلين ضعاف لا يحترمون وظائفهم، ولا يعرف من يأمرهم و من يطيعون، إضافة الى من فضل النأي بنفسه عن حمى الصراعات والاختلافات الحزبية، فالتهمته الصراعات القبلية والعشائرية، فأصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار، فلم يجد حماية الحزب و لا تفيأ ظلال القبيلة.

كل هذه الصراعات والاختلافات أصابت جهاز الدولة بالعجز و الشلل، فلم يجد الولاة برنامجاً غير مهرجانات السياحة والتسوق و دعوة رئاسة الجمهورية لافتتاحها، فما يشغلهم هو حياكة (الحفر)، فإن لم تنفع فالضرب و اللكم و الشتم.
بهذا يقدم أهل الوطني صورة قبيحة عن آداءهم الحزبي و(الشورى)، وبعد فهل ينتظر من حزب هذا مسلكه مع عضويته و بني جلدته أن يتعايش مع أي قوى سياسية أخرى؟ لماذا في الأصل يعقد الحزب الحاكم مؤتمره في قاعة جهاز الأمن ووسط اجراءات أمنية مشددة؟
في السابق كانت الوظيفة الحزبية تعتبر إبعاداً عن جهاز الدولة ولم تكن مرغوبة، الآن أعضاء المؤتمر الوطني متبرمون وساخطون على الحوار ومخرجاته، هذا الحوار ضيق عليهم فرص الوظائف في جهاز الدولة فأصبحت وظائف الحزب جاذبة و مضمونة حتى و لو تم أخذها عنوة، وبوضع اليد، إنهم يضربون بعضهم!

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة