إطلاق الأسرى …دلالة التوقيت
مهما كانت المعطيات السياسية الماثلة فإن إطلاق سراح الأسرى لدى الحركة الشعبية يحسب لصالحها ، ويؤكد إهتمامها بالبعد الإنساني ، ولكن دلالة التوقيت لا تخلو من حسابات سياسية قدرتها الحركة وفقاً للظروف التي تمر بها الآن .
من الواضح أن الحركة الشعبية عانت من هجوم شرس في الأيام الماضية على خليفة حادثة الحجيرات التي راح ضحيتها أبرياء من قبيلة الحوازمة ، بعد أن نهبت أبقارهم ، والهجوم العاصف كان من كل الأطراف وليس من الحكومة وحدها ، ولأن الحركة فشلت في إدارة هذه الأزمة ، فقد تلقت أيضاً لوم ومطالبات من حلفائها من قوى المعارضة وفي مقدمتهم حزب الأمة القومي بقيادة الامام الصادق المهدي الذي أقام تأبيناً لشهداء الحوازمة طالب من خلاله الحركة بالعمل على تسوية الملف (إن كان الجناة في أراضيها) ، ومهما تلاعب المهدي بالألفاظ فالرسالة واضحة.
وفي المقابل أيضاً هناك الضغوط الأمريكية المستمرة على الحركة ، ولم تتوقف منذ التوقيع على خارطة الطريق ، وقبول الخرطوم بمقترح واشنطن فيما يتعلق بايصال المساعدات الإنسانية للمنطقتين ، فضلاً عن التحذيرات الأمريكية من انعدام الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحركة الشعبية في غضون شهرين مالم تتوصل لإتفاق مع الحكومة يسمح بوصول الاغاثة ، ولم يكتف القائم بالاعمال الأمريكي بالخرطوم إستيفن كوتسيس بالتحذيرات بل قال إن المدنيين هناك في حاجة ماسة لرؤية المواد الغذائية والإمدادات الانسانية الأخرى في أسرع وقت.
وعلى ذات الصعيد فإن الجمود الذي يسري في أوصال خارطة الطريق ، والتفاوض حول قضايا المنطقتين يشكل ضغوط هائلة على الحركة من قواعدها في ظل صعوبة الأوضاع في المناطق التي تسيطر عليها ، وفي ظل عدم تحقيق إختراق طوال أكثر من ثمانية جولات تفاوضية ، وفي ظل تغيير الملعب الدولي الذي باتت فيه حظوظ الخرطوم هي الأفضل مما كانت عليه قبل شهور.
من الواضح أن الحركة لم يكن أمامها غير أن ترمي بآخر (كروتها) لتضع الحكومة على المحك ، وترفع عنها الحرج المتعلق بقضية الحجيرات ، وفي ذات الوقت هذه الخطوة (أطلاق الأسرى) تمهد أيضاً لها الشروع في فتح الملف الإنساني وفق المقترح الأمريكي التي أكدت دراسته ، وهذا يعني أنها لم توصد الباب نهائياً .
بشكل عام فبالرغم من جمود خارطة الطريق وملف المنطقتين ، في وقت بلغ حوار الوثبة أشواطه الأخيرة بعد تعيين الفريق بكري حسن صالح رئيساً لمجلس الوزراء ، فهذا لا يعني عدم حدوث مفاجآت جديدة تغير من مشهد الساحة السياسة السودانية ولعلها بدأت باطلاق سراح الأسرى بواسطة يوغندية وسودانية قادها (السائحون) .
الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة