بكري وتحديات الفترة الراهنة
لا يختلف اثنان حول قدرة رئيس الوزراء الجديد الفريق أول بكري حسن صالح في التعامل مع تحديات المرحلة الراهنة ومقدمات الفترة المقبلة بالنسبة للجهاز التنفيذي، فحكومة الوفاق وهي وليدة الحوار الوطني ستجسد لأول مرة وحدة السودانيين في كياناتهم السياسية المتنوعة والقوى الاجتماعية بأطيافها المختلفة،
ولم تتوفر لسلطة تنفيذية في تاريخ السودان شبه إجماع كما سيحدث للحكومة المنتظرة بعد أيام، ويستطيع الفريق أول ركن بكري النائب الأول لرئيس الجمهورية، بكل ميزاته وسيرته النظيفة وأدواره التي لعبها منذ عام 1989م وهو في الجهاز التنفيذي وخبرته وخدمته العسكرية الطويلة الممتازة، يستطيع التعامل مع التحديات الماثلة أمامه وأمام حكومته بشكل إيجابي، نظراً لحالة الرضاء والتأييد التي وجدها من شركاء الحوار وبقية القوى المعارضة التي لم تبد حادة في مواقفها حتى لحظة كتابة هذه الكلمات، وتلك قيمة مضافة لصالح رئيس الوزراء الجديد.
> ومن واجب حكومة السيد رئيس الوزراء، تشييد القاعدة الصلبة التي ستبني عليها المرحلة المقبلة، فحكومته معنية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والانتقال بالبلاد إلى مرحلة التراضي السياسي والتوافق بين مكوناتها السياسية والمجتمعية وتنفيذ كل ما ورد في توصيات الحوار وما أقرَّته الوثيقة الوطنية، بالإضافة إلى برنامج إصلاح الدولة الذي أشرف عليه الفريق أول بكري خلال السنوات الماضية، وهو ملف مهم يتمحور في إصلاح مؤسسات الدولة ورفع الأداء التنفيذي وإحكام سلطة دولة القانون.
> فلنبدأ أولاً بالمواطن وما الذي يتطلع إليه في حكومة رئيس الوزراء المقبلة ..؟ فالجميع يرغبون في حكومة تواصل في عملية زرع الأمل وانبثاقه من النفوس، لقد عانى المواطن من الظروف الناتجة عن الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والأوضاع في دارفور والحصار الاقتصادي والعقوبات الأحادية الأمريكية التي تنتظر الرفع النهائي في يوليو المقبل، وران على المواطنين حين من الدهر عاشوا فيه أوضاعاً صعبة مست معيشتهم وتحملوا عن الدولة العبء الأكبر من العنت والمشقة، حيث كانت على حسابهم كل الإجراءات الإصلاحية الهيكلية في الاقتصاد من هيكلة الدعم إلى السياسات الاقتصادية والمالية القاسية التي اعتمدتها الحكومة خلال السنوات الماضية، فكان غلاء الأسعار وتدني الخدمات وتفشي الفساد وانحدار الوضع الاقتصادي، رزايا وقعت على رأس المواطن لكنه صبر عليها، وزاد من تفاؤله أن الحوار الوطني سيقود إلى التهدئة ويساعد في حل المشكل السياسي وهو أس الأزمة السودانية، وسيساعد الحوار في وقف الحرب وتمزيق فاتورتها، وما يصرف في الحرب يمكن أن يوجه إلى التنمية والإنتاج وتحسين الخدمات، ولذا ينظر المواطن إلى أن حكومة السيد بكري المقبلة ستكون على قدر مسؤولياتها إذا تمت إدارة موضوع الأداء في الدولة بشكل جيد وفعال، ووجهت الحكومة الموارد والإصلاح إلى القطاعات المنتجة، وحاصرت مواطن الخلل والفساد، وسعت مع قيادة الدولة ممثلة في السيد الرئيس إلى معالجة العقبات التي تحول دون تحقيق السلام ووقف الحرب والتواصل مع الخارج.
> أما على المستوى التأسيسي للمرحلة المقبلة وهي مرحلة الانفتاح السياسي، وتجذير مفاهيم التداول السلمي للسلطة وتفعيل أدوات الدولة ومؤسساتها لخدمة أهداف الاستقرار والسلام والتنمية، فإن حكومة السيد بكري مطالبة من يومها الأول بالعمل على جذب الفرقاء السياسيين إلى ساحة الحوار والتفاهم السياسي، خاصة المعارضين بالداخل والخارج، فمعلوم أن الفريق أول بكري يحظى باحترام الجميع، ولم نسمع عنه كلمة شائنة صادرة عن المعارضين أو الحركات المتمردة، ويستطيع مع حكومته تقديم تجربة فريدة في الأداء التنفيذي، ومعالجة ملفات التظلم السياسي والخدمي والتنموي، وحسم الكثير من القضايا التي تُتخذ ذريعةً لمعارضة الدولة وحمل السلاح ضدها، فإذا تكونت الحكومة المقبلة ملبية لكل التطلعات وبنيت على الاعتبارات السياسية مع مراعاة حاجة جميع الجهات والمناطق في التمثيل وتوفر الكفاءات المطلوبة، تستطيع حكومة من هذا النوع إنعاش الآمال والوصول بالبلاد إلى المبتغى والمرتقى.
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة