منوعات

هكذا “يقتلك” الدوام الطويل

في القرن التاسع عشر كان الشعار الأعلى صيتاً في الحركات العمالية المطلبية هو “8 ساعات من العمل، و8 ساعات من الترفيه، و8 ساعات من الراحة”. كان العمال يطالبون باعتماد هذا النظام بعد عقود عديدة من الثورة الصناعية التي استهلكتهم بالكامل واستعبدتهم ولم تقدم لهم إلاّ القليل من المداخيل في آلة رأسمالية ضخمة. فقد كان دوام العمل مفتوحاً وقد يصل إلى أكثر من 16 ساعة يومياً. كانت عبودية بشكل حداثي. بذلك، جاءت شعارات العمال في ذلك الزمن في الغرب على هذا الشكل تطلب تقسيم ساعات اليوم الأربع والعشرين بالتساوي بين العمل والترفيه والراحة كما يشير تقرير لموقع “فايننشال تايمز”.

لكن، هل الالتزام بهذا الشعار ما زال قائماً اليوم كما هو ولم تطرأ تعديلات أعادت العمّال والموظفين إلى ما كان قبل تطبيقه عبر زيادة ساعات الدوام؟ وهل يؤدي دوام العمل أكثر من ثماني ساعات يومياً خمسة أيام في الأسبوع إلى ضرر حقيقي على الموظفين؟

قبل كلّ شيء لا بدّ من الإشارة إلى أنّ دوام الأربعين ساعة أسبوعياً على الأقل هو الأكثر انتشاراً في العالم الرأسمالي، بل تؤكد الخبيرة كارين تاورونيت، المسؤولة في شركة الاستشارات المالية والضريبية “إرنست أند يونغ” أنّ ساعات العمل الأربعين أسبوعياً ذهبت إلى غير عودة منذ فترة طويلة، وازدادت هذه الساعات إلى أكثر من خمسين، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة وغيرها عام 2008.

هذه الساعات الطويلة، لا تترجم، في المقابل، إنتاجية أكبر، بحسب دراسة أجرتها جامعة “ستانفورد” الأميركية، بل على العكس من ذلك، تشير إلى أنّ تجاوز 50 ساعة عمل أسبوعياً يقلّص القدرة على الإنتاج، أما عندما يصل الدوام إلى 55 ساعة أسبوعياً فيصل الإنتاج إلى نقطة الصفر. وبذلك، فإنّ الساعات الـ15 الإضافية ليست لها سوى قيمة قليلة جداً في المجمل.

ويقول معدّ الدراسة جون بينكافيل إنّ انخفاض الإنتاج إلى هذا الحدّ يعود إلى أنّ “الموظفين في حالة الدوام الطويل يواجهون تعباً وتوتراً لا يقلّصان فقط إنتاجيتهم، بل أيضاً يزيدان من احتمال الخطأ لديهم، والحوادث الخارجة عن سيطرتهم، وصولاً إلى المرض، وهو ما يرتدّ سلباً عليهم وعلى صاحب العمل”.

العربي الجديد