كرت ضمان
* وأخيراً، خلعت حكومتنا الموقرة ثوب الخنوع والانكسار، لترتدي بدلاً عنه ثوب الجرأة وحمرة العين والاستئساد تجاه الجانب المصري، بإعادتها النظر ولو جزئياً في اتفاقية الحريات الأربع الموقعة فعلاً مع الحكومة المصرية والمفعلة من جانب واحد فقط وهو الجانب السوداني.
* فقد فرضت أخيراً تأشيرة دخول للمصريين الراغبين في زيارة السودان والعمل أو الاستثمار أو حتى الزيارة العادية إن كانت لديهم الرغبة بالطبع.
* فقد حملت الأخبار أن حالة من الارتباك والغضب والاستياء الشديد بين الركاب المصريين المسافرين إلى السودان، شهدتها صالات السفر بمطار القاهرة الدولي، وذلك لبدء تطبيق قرار السلطات السودانية بضرورة حصول المصريين الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 50 عامًا على تأشيرات دخول مسبقة، من قِبل شركة مصر للطيران، بينما لم تطبقها باقي الشركات السودانية والخاصة.
* حيث تم منع عدد من الركاب المصريين من السفر تطبيقاً للقرار، بينما سمحت الخطوط السودانية بسفر المصريين دون تأشيرات على رحلتها رقم 103 والمتجهة إلى الخرطوم، وكذا الحال لعدد من خطوط الطيران المحلية والأجنبية، ما يشير إلى أن مقاطعة شركة مصر للطيران أيضا قد بدأ تنفيذها ولو جزئيا.
* الخبر في اعتقادي تأخر كثيرا جدا، وهو ما نادى به معظم السودانيين الغيورين رداً على المعاملة القاسية التي يجدها المواطن السوداني بمصر، والروح الشريرة التي تتقمص الإعلام المصري عندما يأتي ذكر اسم السودان.
* اتفاقية الحريات الأربع، لم تُفِد الجانب السوداني في شيء، بل العكس خصمت منه الكثير، ومنحت الجانب المصري الكثير جداً من المزايا ولعل أبرزها سهولة دخول المصريين السودان وحرية العمل والتنقل دون أدنى شرط أو قيد، ولا حتى فرض رسوم إقامة كما حدث من الجانب المصري مؤخراً تجاه كافة الجنسيات بما فيها السودان الموقع سلفاً على الاتفاقية (قيد النظر).
* ليس لدينا أدنى شك في أن ما تقوم به حكومتنا من علاقات دبلوماسية مشبوهة في كثير من الأحيان لم يكن في صالح المواطن في يوم من الأيام، بل العكس كان في صالح أفراد بعينهم، لأن المواطن عادة ما يتذيل أولوياتهم.
* هذه الخطوة الإيجابية وبحكم نفسية هذا النظام المعلومة للجميع، لم تأتِ بدافع وطني أو غيرة أو بحث عن كرامة مفقودة أو دم حر مهدر، ولكنها جاءت في إطار الدبلوماسية المرهونة بكروت ضمان من حكومات دول أخرى لها مصالح مشتركة في الراهن مع النظام السوداني أو أفراد بعينهم.
* ورغم ذلك دعونا نتفاءل خيراً، فربما أعادت هذه الصفعة الصواب إلى الجانب المصري وأفاقته من حالة التعالي والعجرفة والاستئساد التي يعيشها، لتكشف له عورة كثيراً ما حاول تغطيتها بهذا السلوك العدائي غير الإنساني، خاصة فيما يتعلق بالسودان ومواطنه.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة