مقالات متنوعة

في بيتنا.. نفسيات!


خبر صادم ومخيف، وعجباً فقد مر كبقية الأخبار التي لا يتوقف عندها أحد، وخطورة الأمر في أن تأكيد الخبر هو دليل على صحته، (40%) من إجمالي المرضى المترددين بولاية الخرطوم يعانون من أعراض الإصابة بالأمراض النفسية، وذلك يعني أن أي بيت فيه (3) طلاب فإن أحدهما مصاب نفسياً.. وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مامون حميدة أعلن أن نسبة الإصابة بالأمراض النفسية بولاية الخرطوم تبلغ (40%) من إجمال تردد الأمراض، واعتبرها من الأمراض المهملة والمنسية، وكشف حميدة لدى مخاطبته المنتدى الإعلامي لليوم العالمي للصحة الذي نظمته وزارة الصحة بولاية الخرطوم أمس، بعنوان (دعونا نتحدث عن الاكتئاب)، كشف عن تخصيص 3 طوابق بمستشفى الخرطوم حتى تصبح مرجعية للأمراض النفسية بالسودان، ودعا الوزير الحكومة لضرورة إدخال الأمراض النفسية ضمن العلاج المجاني أو تحت مظلة التأمين الصحي باعتبار أن أسعارها باهظة ومكلفة للأسر، وأشار الى أن واجب الدولة توفير الأدوية لمستحقيها، حميدة كشف عن وجود مابين (%20 – 30%) من طلاب ولاية الخرطوم يعانون من أعراض الإصابة بالأمراض النفسية، ونوه الى أن (10%) فقط من المرضى النفسيين فقط يتلقون العلاج بسبب خوف وصمة العار، وأضاف إن مابين (40% – 50%) من المرضى النفسيين يذهبون لغير الأطباء، وطالب الأطباء بفتح مجال مع الشيوخ والمعالجين بالقرآن والعشابين لما لهم من دور في معالجة الأمراض النفسية.

إذن هذه حقائق مؤلمة ويأتي الاعتراف بها من المسؤول عن صحة أهل الخرطوم، الرجل لم يقدم أي أسباب الى هذه النسبة الكبيرة والتي بعد أعوام قليلة سيكون كل أهل الخرطوم مرضى نفسيين، على الأقل كان للبروف حميدة أن يؤشر على الأسباب حسب علمه التي أودت بنا الى هذه المرحلة المتأخرة، وهو بدلاً من البحث في أسباب الظاهرة ومعالجة جذورها، يجهز العنابر والمستشفيات لاستقبال الأعداد الهائلة من المرضى.. كان غريباً أن يدعو البروفسير وزير الصحة الى فتح المجال أمام (الشيوخ والمعالجين بالقرآن والعشابين) للمساهمة في علاج المرضى، ونحسب أن هذه (هفوة) علمية لا تليق ببروفسير ووزير صحة ومؤسس ومالك لجامعة طبية وعدد من المستشفيات الاستثمارية الكبيرة.

لا شك أن هذا الحديث سيزيد من أعداد المرضى (النفسانيين)، فإن كان وزير الصحة الآن يتبنى العلاج لدى الشيوخ والمعالجين بالقرآن والعشابين، فلماذا كان يعارض هذا بضراوة، نحن لسنا ضد الجهات التي حددها الوزير للاستعانة بها في علاج الأمراض النفسية، ولسنا معها، فقط يهمنا أن نعرف رأي الجهات المسؤلة في المجلس الطبي، ومجلس التخصصات الطبية، والأدوية والسموم،، واضعين في الاعتبار صدور قرارات بتخفيض عدد كليات الطب في البلاد، والعودة بالأوضاع الصحية الى العصر الحجري..

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة