مقالات متنوعة

تعقيب عن (حسبو والمكان السحيق) ..!


ثم.. مَن هو نائب الرئيس (الثاني) حسبو عبدالرحمن لكي يُستثنى من المساءلة البرلمانية؟! أليس هو أهل للمحاسبة بصفته وسيرته وحتى بتفكيره المليشاوي؟! فلولا أنها مرحلة انحطاط شامل وضياع لكان المذكور في مكان سحيق.. لكن صِدقاً فإنه الآن في المكان المناسب (نائب البشير)..! ومن يكون غيره أنسب؟!

* الفقرة أعلاه جاءت في مقالي الأسبوع الفائت الذي كان بعنوان (الهمجيون وبرلمانهم)؛ وفيما يلي رسالة حول الفقرة المشار إليها؛ أوصلها لي صديق عزيز (مُشترك بيني وبين كاتبها).. وأشكر لهذا الكاتب تفاعله مع الموضوع.. المهم أن ما قلته عن حسبو (نائب البشير) غير قابل للتراجع عنه.. وليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في التعرُّض لحسبو وغيره من شخصيات السلطة؛ فكافة قادة النظام الدكتاتوري في السودان يستحقون ذلك المكان السحيق (المُهلِك)..! وعبارة المكان السحيق هي التي أثارت العزيز محمد باعث الرسالة.. فلو تريث لعرف أن التعبير أقرب إلى (السجن)! لو نظر في المعاني وعَلِمَ لوجد ضالته؛ ولن يسرف..! ولو أبصر المقال كاملاً كما أبصره غيره لما احتاج لهذا الجهد.

* أنشر الرسالة تقديراً للرأي وأتجاوز بعض الألفاظ دون تعليق؛ فلست أذكى من القارئ الذي يتحسس ما بين السطور فيقيِّم الأشياء بلا حاجة منا لتوضيحات.. ثم الملاحظة العامة تتلخص في اجتزاء الكاتب للفقرة من السياق العام للمقال المذكور؛ وكل شخص حر في أن يستوعب حسب ماعونه أو حسب حالته الخاصة.. فقضيتنا الأولى والأخيرة في سلطة الفساد والاستبداد التي يعمل (حسبو) في قصرِها.. ومعاً نقرأ الرسالة التي نقدِّر لصاحبها رأيه ونتمنى أن يعود إلى الوطن ويجده متحرراً من مجرمي الحرب واللصوص والحرافيش.

النص:
* من المسلمات الراسخات والثوابت الباقيات في كل الشرائع السماويات والقوانين الأرضيات؛ أنّ لكل ذٌرية بني آدِم حق كامل الدسم في أن يكتبوا ويقولوا ما شاء لهم وقتما شاءوا؛ بلا مَنٍ ولا أذًى من أحد كائناً من كان طالما بدون شطط أو تطرّف مصبوغ بروائح الإستهزاء والعنجهيّة والتي هي من بنات أفكار العقلية الإستعلائية أٌس البليّة في بيئتنا السودانية.
* يا عثمان شبونة.. العبد الفقير لربه محمد إسماعيل مثلك وربما أكثر حدةً منك في سلقي بألسنة حداد لرجالات الإنقاذ في كثير من عنترياتهم الهوجاء وسياساتهم العرجاء بما فيها ممارسة الرفث والفسوق السياسي باسم الدين.. والتي جرفت البلاد وأخلاق العباد إلى محاضن الفساد المالي والأخلاقي والإداري والسياسي والإجتماعي وهلمجرا..

والسيد حسبو نائب الرئيس أحد أضلع مثلث الرئاسة.. عليه هو ليس بأعلى ولا أسمى من أن تناله سهام النقد؛ الذي لا ينجو منه أحد مهما ارتفعت قامته وعلا مقامه بما فيهم الرئيس عمر البشير.. طالما هم من ذٌريّة آدِم وبمحض إرادتهم ارتضوا التكليف الذي هو خزي وندامة وبالأوزار جوانحهم مليانة إلاّ من رحم ربي.
* سؤالي الطاهر إليك يا عثمان شبونة؛ وأحسب أنه خالي من سوء الطويّة بأيّة عين تنظٌر ومن أيّة زاوية تبصر (لولا زمن الإنحطاط الشامل والضياع الكامل لكان حسبو في مكان سحيق؟).. هل هي زاوية التأهيل الأكاديمي والتحصيل المعرفي؟ أم من الجانب الخلقي؟

أم من جهة المناطقيّة والجهويّة؟ أرجو أن ترد على باخلاص نيّة.. هل الذين تسوروا مِحراب السلطة وجلسوا في سنامها حيناً من الدهر لم يكن قصيراً؛ وتمرّغوا في نعيمها ورتعوا في بساتينها حتي جعلوها كالعصف المأكول وأكلوا من طيباتها كما تأكل الأَنعام جلوساً وقياماً بحِلّه وسحتِه فيما ما مضى ومازالوا؛ هل كانوا أرفع مقاماً وأزكى منزلة وأجود معدناً من حسبو؟ أم هؤلاء الذين لم يشملهم المكان السحيق كانوا أقوى حجه وأفصح لساناً وأنصع بياناً وأصحاب أذهان متقدة وثاقبة وحسبو عقله أفرغ من فؤاد أم موسى لولا أن ربطه عِلية الإنقاذ بوظائفها سيكون في مكان سحيق ولَم يكن شيئاً مذكوراً؟! أهذا
الذي ترمي إليه يا عثمان شبونة؟

* أخي عثمان أستميحك عذراً إن تقاصر فهمي في مقصدك (لولا زمن الإنحطاط لكان حسبو في مكان سحيق) دعني وبتواضع جم أن أٌزجي لك نصحاً دونما خٌيلاء وبنقاء نيّة وصفاء لعلك تتقبله قبولاً حسناً لا تمدحن امرءاً حتى تجربة ولا تذمنّه من غير تجريب؛ إن الرجال صناديق مقفلة وإن مفاتيحها التجاريب.
* العبد الفقير لربه محمد إسماعيل لم أنطق بلسان حسبو قلماً مأجوراً ولا راجياً وعداً معسولاً من أحد ولا خائراً من أحد ولا طامعاً في أحد إلاّ من الواحد الأحد الفرد الصمد.. قد تداعب مخيلتك وتراود خلجات نفسك أسئلة: لماذا أتصدى لمقالك نيابة عن حسبو؟ الجواب ويعلم به رب العباد إحقاقاً للحق وإنصاف لأخ وصديق ورفيق درب وزميل دراسة وعلاقة ضاربة بجذورها العميقات.. منذ أن كنّا في ميوعة الصبا وشرخ الشباب تشاطرنا فيها المأكل والمشرب والمسكن والرؤية المستقبلية لولا الأقدار الألهية وتصاريف الأيام لما بعدت بيننا الشقة.. ومشيناها خطى ومن كتبت عليه خطى مشاها.. وأزيدك بما لا تعلم حتى تقول بما تعلم عن حسبو.. السيد حسبو محمد عبدالرحمن نائب رئيس الجمهورية شعلة من ذكاء.. وعظمة من فطنة.. وآية من عقل.. كان طالباً نابغاً ونجماً ساطعاً في مسيرته الأكاديمية وإني على ذلك لمن الشاهدين.. أيضاً كانت نفسه ثائرة ومتمردة علي كل ما يشين أخلاق المرء وينسف كبريائها.. ويطأطيء هامتها.. كما أنه كان أنيق النفس وحميد الخصال.. أما إذا تريد أن تكون سيرته الذاتية مسلّمةً لا شيّة فيها فذاك محال في دنيا الإنسان. أعلم كلنا مثقبون بالعيوب لولا رداء من لله يُسمى الستر لضربت أعناقنا خجلاً مما نفعل عندما نختلي بأنفسنا.. أما إذا كان خلقك يا عثمان شبونة لا يرى الناس إلاّ تراباً ملقي لا قيمة له ولا فائدة منه إن كنت من هؤلاء فأعلم إنما الذهب من التراب واللؤلؤ من الصدف والسحاب المسخّر من البحر.

* أخي عثمان شبونة.. ليس من محاسن القول أن نلقيه على عواهنة هرطقات وعبارات بالأحقاد الدفينات مليئات ومن الناس ساخرات.. حينها من الخير لنا أجمعين اعتقال اللسان وإحتباسه من الإنزلاق حتى نقول خيراً أو نصمت. وصدق من قال: الصمت زين والسكوت سلامة.. فإذا نطقت فلا تكن مكثاراً؛ فلئن ندمت على سكوتي مرّة فلقد ندمت على الكلام مراراً. لم لا وكيف لا وقد يُرجى لجرح السيف برء ولا برء لما جرح اللسان. جراحات السنان لها التئام.. ولا يلتام ما جرح اللسان. وجرح السيف تدمله فيبرئ ويبقي الدهر ما جرح اللسان.

* أنت صاحب قلم دافق سيّال فاجعل رسالته النصح المبين.. ولا تجعله حيّة رقطاء تنفث سمها الزعاف عبارات استهجان واستخفاف بالإنسان. وإلاّ سيكون المقام سجالاً بيننا عندها نتركك مع رائعات أبي العلاء المعري: وطاولت الأرض السماء سفاهة.. وعيّرت الشهب الحصي والجنادل.. وقال السهى للشمس أنت ضيئلة وقال الدُّجى للصبح لونك حائلُ. فيا موت ذٌر إن الحياةَ ذميمةٌ.. وَيَا نفس جدّي إنّ دهرك هازلٌ.. باعتبار إن تسخروا منّا فإنا نسخر منكم كما تسخرون. وإن عدتم عدنا.
محمد إسماعيل آدم أمريكا واشنطن.

أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة