داليا الياس

مرحلة!

البعض يتعاطى معنا في خضم الحياة على أننا مجرد مرحلة أو خطوة أو نزوة أو حتى عتبة في سلم الأيام!
وفي الغالب نحن لا ندرك ذلك إلا في وقت متأخر جدا من عمر ولعنا به.. وبعد أن نكون قد اعتنقناه واعتدنا على وجوده فعليا وعلقنا أحلامنا على مشجب وجوده في تفاصيلنا!
البعض يتسلل إلى قلوبنا بسلاسة ويسر وحميمية مطلقة مستخدما قدرته الفائقة على الإبهار فلا يلبث أن يردينا صرعى لهيامنا به فنظل ندور في فلكه مغمضين عيوننا عن كل ما سواه ونحن في تمام الولاء والوفاء والصفاء.. باذلين الصدق والمحبة.. مثابرين من أجل سعادته وراحته فقط ولو على حساب أنفسنا جاعلين له الأولوية الدائمة وواضعين إياه على رأس جميع القوائم!

وبعد أن ننغمس تماما في ظننا الواهم بأننا قد بلغنا به غاية أمانينا الإنسانية والعاطفية وبعد أن يتأكد معاليه من تمام إحكامه لسيطرته على قلوبنا وعقولنا يبدأ في التململ داخل حلقة غروره وقسوته شيئا فشيئا متلذذا بشغفنا الواجف وقلقنا المعلق في ثوب مزاجه المتقلب!
والمؤكد أننا نكتشف في أنفسنا ضعفا لا يستجيب لنداءات الكرامة وربما لا يسمعها حتى! ونبدا نريق ماء وجوهنا على رمال جفوته فلا تلبث أن تتشربها!
ويلفحنا بروده القارس فنتجمد ذاهلين على أعتاب العشم الأخضر والنوايا الحسنة في أنه لابد سيعود لجادة صواب قلبه إذ لا يمكن _ بحسب اعتقادنا الساذج _ أن يكون على هذا القدر من الزيف وأن كل تلك المشاعر القديمة لا تعدو كونها سرابا ظنناه من فرط ظمأ قلوبنا ماء زلالا!!
وهذا التغير الكبير والسريع ينسحب على كل العلاقات ولا يقف عند حدود العاطفية منها. فحتى الأصدقاء يمارسون ضدنا بعض التجبر والجحود متناسين إحساننا النبيل فيكون جزاؤنا منهم الصدود والجفوة والغياب والقلق والحيرة!

والمهم أنك في غمرة حسرتك وأحزانك وحالما أعملت عقلك قليلا ستتضح أمامك الرؤى وتنتبه لكونك كنت دائما الطرف الأصدق والأعمق والأكثر تجردا وتضحية وبذلا وولعا في علاقة غير متكافئة العطاء والشعور منذ البداية ولكنك كنت أعمى البصيرة لفرط المحبة!
ثم إنك لم تعدو كونك مرحلة في حياة المعني لدواعي الفراغ أو اللهو أو الحاجة.. أو ربما هو من الذين لا يتقنون أبدا حرفة المودة الحقيقية.
عليه.. ستعاني وتحزن وتذرف الدمع السخين وتشعر بالقهر والظلم وتستشعر عجزك عن نصرة قلبك المكلوم المحتقن بالغبن والحسرة من دون جدوى فلا يعود أمامك سوى الإذعان والخضوع لأمر الله مستجيبا لأقدارك معزيا نفسك بأن أمر الله ماض في قلبك وحياتك!
ولن أطالبك بالنسيان والتجاوز.. فللوجع حلاوة.. وللشجن أبعاد حميدة في حياتنا تكسبنا الخبرة الكافية لمعرفة الناس وتصنيفهم قبل أن نرمي أنفسنا في جب أحدهم ونعجز عن الخروج.

ولكن بالمقابل.. علينا أن نتعايش مع واقعنا المرير.. ونبتلع عبراتنا ونمضي في حياتنا بحماس وجدية ولا نركن لإحباطنا وآلامنا ونسمح لها باغتيالنا.
علينا أن نتذكر دائما أن الله كبير وحليم.. وأن الأيام تخبئ لنا الأجمل والأفضل فلا نفقد العشم في رحمة الله التي ستأتي حتما على قدر صبرنا وتسامحنا ورضانا.
ونظل ندعو الله أن يخلف لنا خيرا مما مضى.. ويجيرنا في مصيبة أحلامنا ويلبسنا ثوب العافية والحلم والكبرياء والأمل.
تلويح:
من يعتبرك في حياته مرحلة.. دعه يعلم أن للتاريخ مزبلة!

داليا الياس – اندياح
صحيفة اليوم التالي

‫7 تعليقات

  1. مالك يا استاذة بعد غيبة ظهرت اليوم و تحملين في طياتك كل هذا العناء و التعب و الرهق و الحزن
    اعلمي ان الله لطيف بعباده ،،،،، قولي يا لطيف

  2. والله يا استاذة اعدتني لنا شجون وذكريات اليمة اعقبتها… وتكاد الوقائع تتطابق.. ولكن اعلمي ان الفرج القريب والشدة لابد ان تزول يوما ما مهما طالت المعاناة..

  3. خان عهدك وتزوج غيرك فاصبرى واحتسبى . لاعليك انها سنة الحياة .

    1. الألم يولد الأبداع – الكاتبة متالمة من شاكوش موجع و أليم فقع مرارتها – فابدعت فى المقال ,,, معليش يا استاذة تعيشى و تاكلى غيرها … و المدعوة سهير عبدالرحيم – الدجاجة الراكضة -اخذت شاكوشين من قبلك — و ياهو خال الدنيا ,,,

  4. هواء ساخن حارق

    حزن وهم والم ظاهر ، اعانك الله على تجاوز هذه المحنة، تجلدي وتجاوزي وابدعي لقرائك ، نحن في حاجة لابداعاتك
    تحياتي

    1. الألم يولد الأبداع – الكاتبة متالمة من شاكوش موجع و أليم فقع مرارتها – فابدعت فى المقال ,,, معليش يا استاذة تعيشى و تاكلى غيرها … و المدعوة سهير عبدالرحيم – الدجاجة الراكضة -اخذت شاكوشين من قبلك — و ياهو خال الدنيا ,,,

  5. يا أستاذة خففى على نفسك – و غنى مع محمد سلام – ( والله قام يتعزز الليمون عشان بالغنا فى ريدو ) ….