المتغطي وعريان
* لم أستبعد ما حدث للكاتب الصحفي الطاهر ساتي من قبل أجهزة الأمن والمخابرات أو السلطات المصرية في مطار القاهرة قبل يومين.
* ولم يكن أفضل المتشائمين من توتر العلاقات بين البلدين، يتوقع ما حدث للطاهر ساتي الذي أبقته السلطات المصرية بقسم شرطة المطار ليوم كامل قبل أن تعيده الي الخرطوم عن طريق أديس أبابا وسط حراسة مصرية مشددة.
* ما حدث للصحفي الطاهر ساتي أمر متوقع بالنسبة لي على الأقل، ولكل قارئ جيد لحقيقة وضع العلاقة بين النظامين المصري والسوداني، والتي يطلق خلالها النظام المصري العنان لآلته الإعلامية الصدئة لتسمم الأجواء وتعبر على المكشوف عن عمق الكراهية والاحتقار للشعب السوداني كما جرت العادة رغم نفي العديد من الحالمين بمتانة العلاقات وأزليتها وغيرها من العبارات العاطفية الفجَة، والتي لا تخدم سوى المصالح المصرية.
* موقف النظام المصري مع الكاتب الطاهر سيحدث مع أي صحفي سوداني مناهض لسياسات مصر تجاه الشعب السوداني وليس النظام السوداني، ومبدأ المعاملة بالمثل هو المطلوب في هذه المرحلة حتى يعي الجانب المصري فداحة ما ارتكبته سوء سياساته وحماقة من خطط لهذا التوجه بعيداً عن أي دراية ومعرفة بأبجديات السياسة الخارجية والديبلوماسية.
* زيارة سامح شكري رئيس الوزراء المصري لم تكن سوى مجرد مخدر وقتي بغرض تنفيذ أجندة محددة ليس من بينها تحسين العلاقات بأي حال من الأحوال، والدليل على ذلك وقبل أن يستقر شكري ببلده تم تطبيق القرار فوراً في الصحفي السوداني الذي غادر للحاق بزوجته التي تتلقى علاجها بالقاهرة.
* حساسية العلاقات المصرية السودانية ليست وليدة اللحظة ولا علاقة لها بقضية احتلال مثلث حلايب من قبل السلطات المصرية وإن كانت قضية حلايب حركت الساكن وزادت حدة الاحتقان، بل هي حساسية قديمة تسببت فيها عجرفة وتعالي الجانب المصري تجاه كل ماهو سوداني، وفاقم الوضع الاتهامات التي طالت قيادات في حكومة الإنقاذ الوطني بمحاولة اغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك بأديس أبابا وما صاحب ذلك من ردة فعل عنيفة من الجانب المصري أدت لاحتلال مثلث حلايب وشلاتين وسط صمت مطبق من قبل حكومتنا الى يومنا هذا.
* مباحثات شكري بالخرطوم، وتصريحات غندور عقب المباحثات في اعتقادي الشخصي، لم تأتِ على مستوى طموحات الجانب السوداني، لأن المواطن السوداني ينتظر قراراً أكبر وأهم من استيراد السلع الاستهلاكية المصرية المسرطنة، وأهم من استيراد مصر للحوم والإبل السودانية، ولكن المسؤولين لدينا دائماً ما يلجأون لأنصاف الحلول، ويضعون مصالحهم الخاصة فوق مصلحة الوطن، ويعتمدون على لغة المسكنات اللحظية دون أن يصاحبها فعل إيجابي يغير من السياسة المتبعة بشكل حاسم.
* طالبنا وكتبنا حتى جفَّ حبرنا بأن أسلوب الطبطبة ولغة العواطف لا تجدي مع هذه الملَة، وأن الإعلام المصري موَجَّه بعناية لعكس وجهة النظر وسياسة الحكومة المصرية الحقيقية تجاه السودان، وينفذ كل ما يطلب منه بعناية فائقة مجيداً لغة التمثيل التي تعتبر أحد مصادر الدخل القومي، ولابد من الرد بالمثل، بل وبلغة أقوى وأعنف، ولكن إعلامنا الموجَه بأكثر من المصري ما زال يطبطب وينفذ في أجندة الحزب الحاكم بالحرف حتى جاءت الصفعة القاسية من السلطات المصرية بحادثة الكاتب الطاهر ساتي.
* مصر لا أمان لها، (والمتغطي بأمريكا والخليج عريان) كما يقول المثل، وكون أن يضع نظامنا نفسه تحت تصرف الغير دون أن تكون له سياسته الخاصة التي تجلب له الاحترام، مؤكد سنكون في نظر كل العالم وليس المصريين فقط مجرد (كائنات حية).
نواصل
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة