المؤتمر الشعبي .. يبدأ احتواء الوطني !
كان غريباً أن يسمي المؤتمر الشعبي مشاركته في الحكومة بأنها رمزية وقد حاز على عدة مناصب دستورية (عشرة مواقع)، لاسيما في وجود (85) حزباً و(36) حركة مسلحة.. شاركت في الحوار، بالإضافة الى وجود عدد من الأحزاب المتوالية مع المؤتمر الوطني من اتحاديين (الدقير) وأنصار السنة والإخوان المسلمين، وحزبان من أحزاب الأمة، والاتحادي الأصل، وبالرغم من أن برنامج الشعبي الذي دخل به الحوار وهو الحريات قد سقط في التعديلات الدستورية، كأن المؤتمر الشعبي في عجلة من أمره فأعلن عن المناصب التي منحت له بأسماء المرشحين لها في مؤتمر صحفي، وهو إجراء غير دستوري، وكأن الشعبي حجز المواقع بأسمائها، خوفاً من تكتيكات وتبديلات اللحظات الأخيرة، الأمين العام للشعبي الدكتور علي الحاج كشف في مؤتمر صحفي عن توقيع اتفاق مع حزب المؤتمر الوطني حول قرار الحريات في التعديلات الدستورية وقال إن التعديلات الدستورية الخاصة بالحريات وصلت البرلمان ولكنها دخلت نفقاً مظلماً، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذا الاتفاق. كان غريباً صدور تحذيرات من قيادات عليا في الشعبي أثناء المؤتمر الصحفي للأمين العام علي الحاج بوجود إعلاميين في القاعة في إشارة لوجود عناصر أمنية، ورد علي الحاج بذكاء متربص قائلاً: “خليهم يسمعوا الكلام هم أصلاً إعلام وأمن”، وكان الأكثرغرابة قول علي الحاج: “نريد تحصين جماعتنا لأنو في قضايا فساد وقضايا كثيرة جداً والناس اللي اخترناهم ديل بشر ولازم تتوقع أي شيء” وقال إنهم يريدون تحصين وزرائهم من الفساد، في أقوى إقرار من الشعبي بوجود فساد في حكومة يتحرق شوقاً للانضمام اليها، إذن.. لا حريات تم إقرارها.. وفساد.. واضطراب الوضع في الشعبي باعتذار كمال عمر وشرف الدين بانقا عن المشاركة في برلمان تخاذل عن الحريات.. كمال عمر كان قد تلقى وعوداً من قيادات عليا في المؤتمر الوطني بترشيحه لوزارة العدل، الا أن علي الحاج رفض وزارة العدل، وبالتالي تأزم الموقف بين كمال وعلي الحاج لدرجة أن وصف عمر علي الحاج بأنه يعمل بدون مؤسسية.. إعلان علي الحاج عن حصته من المقاعد الحكومية غير دستوري لأنه إعلان لمناصب دستورية من جهة غير دستورية، فقد درجت الأحزاب التي ستشارك الوطني المناصب الحكومية أن تقدم قائمة يختار منها الرئيس، ولا تعلن إلا في قرار التشكيل الوزاري، في العام 2010م والأحزاب على مفترق الطرق في أمر المشاركة في الانتخابات، عقدت القوى المعارضة اجتماعاً في دار الأمة، بحضور زعماء قوى الإجماع الوطني وكان المتحدث الأبرز المرحوم د. الترابي داعياً الى أن تخوض أصوات 40% من الناخبين في الخرطوم و60% في الولايات وربما الذي دفع المؤتمر الشعبي للمشاركة في حكومة في حدود ولاية الخرطوم الا إذا كان هنالك ما هنالك، ففي الوقت الذي يفتقد المؤتمر الوطني قياداته التاريخية وتراجع وضع الحزب والحركة الإسلامية نجد أن الشعبي أوكل أمر الأمانة العامة والمواقع المهمة لقيادات الصف الأول وفي مقدمتهم السنوسي وعلي الحاج ومحمد الأمين خليفة وبشير آدم رحمة.. مع تلميحات علي الحاج بأن وحدة الإسلاميين لن تتحقق (ساكت) ولا بد أن تكون وحدة عمل، إذن كاد علي الحاج في المؤتمر الصحفي يكشف عن الاتفاق الممهور ولكن تنبيهات العضوية المتكررة نبهته الى أن القاعة بها إعلاميون وأمنيون.. ما حدث أن الحوار بكامله كان له هدف واحد هو توحيد الوطني والشعبي ليختار الرئيس من بينهم من يريد.. والدليل على ذلك أن كل الأحزاب والكيانات والحركات المتعاركة على الكيكة الصغيرة لم تفكر في تقديم برنامجها للمشاركة في الحكم ولم يتم تشاور مع الحزب الذي هو أصلاً في الحكم على أي برامج …
ما وراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة