تحقيقات وتقارير

كمال عمر .. سر الاعتذار

فاجأ القيادي بالشعبي كمال عمر كافة الأوساط بالتراجع عن مواقفه الأخيرة المتمثلة في استقالته من الأمانة السياسية للحزب ورفضه للمشاركة في البرلمان، بجانب هجومه على الأمين العام للشعبي دكتور علي الحاج، عمر تراجع عن موقفه الذي اعتبره البعض صواباً واعتذر عن كل ما جاء على لسانه في وسائل الإعلام، بل أبدى ندمه وأسفه، الأمر الذي أفرح الراغبين في ذهابه، وأحزن من سانده على موقفه.

*محاور فاعل
حديث عمر عن عطائه في الحزب والذي قال إنه لا يفوقه فيه إلا قلة، نجد فيه مصداقية، خصوصاً في الفترة الأخيرة، بيد أن كمال من المحاورين الفاعلين في مسيرة الحوار الوطني منذ بداياته خاصة في لجنة الحريات وآلية (7+7)، ومن خلال تغطيتنا لفعاليات الحوار يعتبر كمال رقم (2) بعد إبراهيم محمود في الآلية، وبعدها صمد عمر في قضية التعديلات الدستورية ودافع بشراسة عن الحريات مما جعله حاضراً في الساحة السياسية ونجماً لامعاً في وسائل الإعلام.
*توقيت قاتل
تسريبات خرجت إلى العلن بأن قيادات في الحزب ليست لديها الرغبة في بقاء كمال داخل أروقة الشعبي، مما جعل كمال يدفع باستقالته، وفي هذا الاتجاه يقول قيادي بالشعبي فضّل حجب اسمه، إن كمال كان مستهدفاً من الحرس القديم، وإن أول محاولة لإقصائه وتهميشه من المشهد التنظيمي، هو تكليف نائب الأمين العام السابق بالملف السياسي بعد وفاة الترابي وهو في الأصل كان يقوم به كمال عمر في عهد الشيخ، وقال القيادي لـ(آخر لحظة) إن كمال كان يجهز نفسه وزيراً اتحادياً أقلاها وزيراً للعدل، ولكن تقليص صلاحيات الوزارة باستحداث منصب النائب العام جعلت الشعبي يصرف النظر عنها، ويقبل بوزارتي الصناعة والتعاون الدولي، والوزارتان لا تتناسبان مع كمال، وأضاف لم يكن هناك حل آخر غير أن يكون نائباً برلمانياً، وأوضح القيادي أن عمر وافق في الأول على البرلمان وهو لا يعلم أن بنداً أساسياً يحرم الجمع بين وظيفتين (تنظيمي وتشريعي)، وبعد علمه حاول ( يتغدى بيهم قبل يتعشوا بيهو) باتخاذه للقرار في توقيت قاتل قبل يوم من انعقاد الشورى.
*كلام عواطف
وفي قروب (منبر السياسية الإعلامي) والذي يضم عدداً من الصحفيين الذين يقومون بتغطية أنشطة الشعبي وبعض قيادات الحزب، أرسل عضو أمانة الإعلام بالشعبي عبدالعال صورة لقيادات المستقبل تزور كمال عمر، وأردفها برسالة قال فيها (كمال يعلن عن استعداده للدفاع عن الحريات من داخل قبة البرلمان)، ولكن عمر رد قائلاً (كلام عبدالعال عواطف)، الغريب في الأمر أن هذا الحديث كان قبل يوم من اعتذار كمال، الشيء الذي وضع استفهامات كثيرة أهمها (ماذا حدث بين ليلة وضحاها)، عدد من الصحفيين وجه أسئلة لكمال والذي رد قائلاً (كان علقت بفسد المعنى لكن عضوية الحزب الكبيرة لن أعصي لها أمراً).
*تكوين لجان
إشارة كمال لعضوية الحزب التي لن يعصي لها أمراً، تقودنا لردود الأفعال التي صاحبت اجتماع مجلس شورى الشعبي الذي التأم السبت الماضي، حيث ضجت تجمعات أعضاء مجلس الشورى بالحديث عن استقالة ورفض عمر للمشاركة، رغم عدم حضور الأخير للاجتماع، غير أن بعض المقترحات تناولها الأعضاء، بينها تكوين لجنة تذهب لكمال في منزله وتقدم له اعتذاراً، وبالمقابل طالب آخرون بتكوين لجنة تحاسبه عن ما بدر منه تجاه الأمين العام علي الحاج، مما يشير إلى أن اعتذار عمر تم بعد ضغوطات من بعض أعضاء الحزب، غير أن رئيس مجلس الشورى الشيخ إبراهيم السنوسي دعا أعضاء حزبه لتجاوز الخلافات والإسراع بالاتصال بمجموعة الرافضين لمواقف المؤتمر الشعبي والعمل على إعادتهم، وقال إبراهيم: (لا نريد أن نشمت الأعداء فينا بأي حال من الأحوال رغم تكرار محاولات الاختراق التي سعت إليها جهات كثيرة منذ توقيت قيام المؤتمر العام، ومن قبلها عندما قرر المؤتمر الشعبي المشاركة في الحكومة).
*دفع الثمن
المحلل السياسي الطيّب زين العابدين يرى أن أي سياسي عندما يصرح في الصحف لا يتصور أن يخرج بهذه السخونة، ونتيجة لظهورها بهذه الصورة دفع كمال ثمن تصريحاته رغم عدم رغبته في الدخول إلى البرلمان ولكن ترضية للأمين العام، ووصف الطيّب في حديثه لـ(آخر لحظة) تصرف عمر بالاعتذار للحاج بالمهذب والمعقول، مؤكداً أن كمال لم يهاجم الحاج بصورة مباشرة، في وقت وجد فيه العذر لغضب عمر، لجهة أنه لم تتم استشارته في ترشيحه كنائب برلماني وعلم مثله مثل الآخرين، ولم يستبعد زين العابدين رغبة كمال في منصب أفضل من البرلمان، ورأى أن الحاج اختار عمر للبرلمان لأنه يريد أن يركز في المرحلة المقبلة على البرلمان والمجالس التشريعية.

تقرير: جاد الرب عبيد
صحيفة آخر لحظة