المسرح القومي.. بين الإهمال وضعف النصوص
وصفت إدارة المسرح القومي بأمدرمان النصوص المسرحية المطروحة كعمل إبداعي بالضعيفة، مما أثار غضب المسرحيين الذين استنكروا الأمر، وصبوا جام غضبهم على الدوله التي أهملت المسرح كجزء مهم من الأنشطة الثقافية، في وقت برزت فيه أصوات تخوفت من تعرض المسرح للانهيار نتيجة وجود كميات من المياه الجوفية أسفل مباني المسرح القومي، وسط توقعت بحدوث كارثة بإنهيار المسرح، في المقابل وجه المخرجين والممثلين اتهاماً مباشراً للدولة بتكريس اهتمامها للغناء على حساب العروض المسرحية
المسرح يقدم تسهيلات
ويقول مدير المسرح القومي محمد شاطر إن المسرح لم يتوقف منذ بداية العام 2016 وحتى تاريخه عن العروض المسرحية، مؤكداً أنه يقدم للممثلين كل المساعدة من جانب الإعلانات وتكاليف العاملين والفنيين، وأشار إلى أن ميزانية الدخل تذهب (80%) منها للفنانين و5% للضرائب و15% إيرادات لوزارة المالية كل هذه تسهيلات يقدمها المسرح، لافتاً إلى أنه في العام 2016 كانت كل المسرحيات مدعومة من الدولة، وتساءل:( ماذا نفعل أكثر من هذا ؟)- ورهن زيادة دخل العمل المسرحي باجتهاد الممثلين في أداء عملهم، وزاد:« أما اذا كان عملهم فطير أكيد الدخل قليل».
تحقيق المسارح
صب الزيت على النار
ويواصل شاطر صب الزيت على النار التي أشعلها في مواجهة الممثلين ونصوص أعمالهم المسرحية بقوله، إن المشكلة تكمن في أن الممثلين يحتاجون إلى تجويد في الأعمال والنصوص، وقال :” في الحقيقة لا توجد نصوص جيدة” وفيما يتعلق بحديثهم عن مشاكل المسرح الفنية من ناحية الإضاءة والصوت والديكور، نفى شاطر وجود أي مشاكل مؤكداً أنه إذا طلب الممثل نقل العرض إلى مسرح خضر بشير بمحلية بحري، فإن إدارة المسرح القومي تلتزم بتوفير الديكور والإضاءة والصوت والفنيين، وفيما يتعلق بحديثهم عن سوء المقاعد المشاهدين رد قائلاً: «عليهم أولاً أن يملؤوها بعد ذلك ساقوم بتوفير مقاعد جيدة»، ومن ناحية التدريب والتأهيل يؤكد شاطر حاجة المسرحيين إلى تدريب مكثف أكثر من حوجتهم إلى مسرح مؤهل وجيد، لافتاً إلى استعانة إدارة المسرح بمدرب هولندي قضى شهراً كاملاً يدرب (30) مسرحياً، ومع هذا لم يستفيدوا من الدورة التدريبية، -والحديث هنا لشاطر-.
مشكلة الدولة
من ناحيته يرى الممثل المسرحي علي مهدي أن مشكلة تدهور المسارح تهم الثقافة والفنون وكل الفنانين في البلاد، ومقارنة مع الدول الأخرى حيث يتم الاهتمام ببناء المسارح بأحجام ضخمة على خلاف ما يحدث هنا في البلاد، منتقداً هروب المستثمرين من الاستثمار في المجال المسرحي، مبدياً استغرابه من عدم وجود مستثمر يفكر في بناء مسارح تسهم في اكتشاف الفنانين ويعيب على الدولة عدم الاستفادة من العلاقات الخارجية خاصة الصين التي تربطها مع السودان علاقات دبلوماسية كبيرة، وأردف بقوله: (على كل حال تطور الفن يطور المسارح لأنها واجهة البلاد أمام العالم).
انهيار المسرح
أما الناقد والباحث الدرامي عبد الله الميري يكشف عن معاناة المسارح من مشاكل في البنيتين التحتية والإبداعية خاصة في المسرح القومي بأم درمان الذي أصبح مهدداً بالانهيار في أي لحظة بسبب المياه الجوفية التي تتراكم أسفل مبانيه، ويمكن أن ينهار المسرح في أي وقت على الممثلين على خشبة المسرح،
وتتمثل في الإضاءة والصوت والديكور التي هي غير صالحة وغير مكتملة، مع العلم أن المسرح القومي هو الوحيد الآن المؤهل لقامة عرض مسرحي، وعموماً حتى باقي المسارح في ولايات السودان ليست بها بنية تحتية جيدة مثل مسرح كسلا الذي تم بيعه على مزاد علني في السوق، وهو ما أحزن العديد من الممثلين ومسرح كرري وشرق النيل وخضر بشير، كل هذه المسارح نكاد ننعيها الآن من الخراب الذي حل بها والدمار ومسرح خضر بشير الآن لا يصلح لقامة أي عرض عليه بسبب الأضرار التي فيه وهو في حاجة شديدة للصيانة. ومن الناحية الأخرى وهي البنية الإبداعية المتمثلة في النصوص القليلة ومشكلة مواكبة التطور التقني في المجال المسرحي.
صالة للحفلات
وينتقد الميري إيقاف إدارة المسرح للعروض المسرحية لصالح إقامة حفل غنائي سواء كان خاصاً أو عاماً لارتفاع إيراداتها، وفي الوقت الراهن أصبحت المسارح تستغلها المحليات في المناسبات الرسمية ويصح القول بأنه الآن لا توجد بنية تحتية للمسرح القومي ولا بنية إبداعية للمسرح القومي بمعنى (أصبح مثل صالات الأفراح التي يتم إيجارها للحفلات الغنائية والجماهيرية وتخاريج الروضات لما بها من دخل جيد للمسرح). لافتاً إلى أن خشبة المسرح القومي تستغل كمخزن لتخزين المواد التموينية من سكر وشاي وزيت وصابون.
قلة الأجور
ويروي الممثل ياسر القاسم قصتهم مع المسرح القومي ويقول إنه كان مزدهراً في فترة مكي سنادة الذي أعاد للمسرح حياته وحيويته من عام 2000 إلى العام 2005 إلى أن أوقفت وزارة الثقافة الإنتاج المسرحي وأصبحنا في حيرة من أمرنا كيف ننتج مسرحية إلى أن أصبح المسرحيون يستأجرون المسرح الذي هو حقهم من أجل تقديم أعمالهم وتوقف الإنتاج بسبب عدم اهتمام وزارة الثقافة بهم، وفي الفترة الأخيرة أعاد وكيل الوزارة الحركة في الولايات في تقديم الأعمال المسرحية، أما من ناحية الرواتب فيقول القاسم هي قليلة جداً وأتمنيى توفر المرتبات المجزية، وأظن أن المسرحيين هم أقل أصحاب المرتبات في الوزارات الأخرى مقارنة مع نظرائهم حتى أنه لا توجد بدلات لهم وهي كثيرة (أين تذهب؟)، أم ليس لنا نصيب فيها؟.. كلها أسئلة يوجهها القاسم للمسؤولين.
سوء الحالة
ويقول الممثل المسرحي جمال عبد الرحمن إن المسرح القومي في حالة سيئة جداً لما به من نواقص، بجانب موقعه غير المناسب، وإضافة إلى ذلك توجد مشكلة كبيرة وهي مياه الصرف الصحي المتسربة من داخلية الجامعة الإسلامية المجاورة للمسرح وتفوح منها روائح كريهة، مشيراً إلى أنه لا توجد مسارح في البلاد بخلاف مسرح قاعة الصداقة والمسرح القومي اللذين عليهما كل الضغوط وقد تكون قاعة الصداقة أفضل بقليل من المسرح القومي، ويجب على الدولة الاهتمام بهذه الأمور، لأن المسرح يمثل كيان الدولة وثقافتها -على حد تعبيره.
دمار المسرح
ويرى الممثل المسرحي عوض شكسبير أنه لا توجد مسارح في السودان عموماً، وأن المسرح القومي أم درمان غير مؤهل من كل النواحي حتى من ناحية الموقع الجغرافي، حيث تحيط به العديد من نوادي الأفراح، وبالتالي لا يمكن أن تستمتع بالعرض الذي يقدم داخل المسرح. ومن ناحيه أخرى الشكل الهندسي بالمسرح من الداخل، في حالة سيئة من ناحية الأجهزة الصوتية، والإضاءة غير فعّالة، والخشبة والستائر تجر باليد، كما أن الكراسي التي به غير صالحة، بمعنى أن دماراً كاملاً حل بكل ملحقات المسرح الذي يحتاج إلى عناية من قبل الدولة في المقام الأول، والشركات الخاصة يجب أن تدعم المسرح القومي، لأن الدعم القادم من قبل الحكومة غير مجزٍ مطلقاً بالنسبة إلى ما يحتاجه المسرح.
مشكلة الحكومة
ويقول شكرالله خلف الله إن مشكلة تدهور المسارح بالبلاد هي مشكلة الحكومة التي يجب عليها الاهتمام ببنية المسارح، لأن كل الاهتمام منصب على الغناء الذي وجد حظاً واسعاً من الدولة عكس المسرح الذي يمثل كيان الدولة وثقافتها.
اخر لحظة