البعض لا يهتم لجلوس الطفل لوحده لساعات طويلة فالخبراء يؤكدون أن إهمال الوالدين أحيانا يكون سببا للمشاكل النفسية للصغار!
قد يتعرض الطفل منذ صغره لكثير من المشاكل النفسية وربما تصاحبه مستقبلاً، هناك بعض الأسر لا تهتم لشأن الطفل الذي يميل للجلوس وحده وربما تتجاهل الأمر وتراه أمراً عادياً، وقد أثبتت الدراسات والبحوث التي أُجريت في هذا المجال أن الآباء والأمهات هم السبب في هذه المشكلة في أغلب الأحيان.
تشير مدير مركز التوحد الاختصاصية النفسية سارة الصافي إلى أن التوحد عبارة عن اضطراب عصبي، ويعتبر إعاقة نمو تؤثر على النمو الطبيعي في المخ لا يعرف مصدرها. وقالت: “فيؤثر ذلك على سلوكه في مجالات الحياة الاجتماعية ومهارات التواصل مع الآخرين، ويمكن أن يظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، فتجده يلوح بأياديه أو يهز جسمه بشكل متكرر”.
عوامل بيئية ووراثية
وتؤكد العوامل الوراثية وتأثير البيئة من حوله كالتسمم بالمعادن الثقيلة مثل (الزئبق والرصاص) أو تفاعل العوامل البيئية مع العوامل الوراثية، أسباب إصابة الطفل بمرض التوحد، وتقول: “تتفاوت شدة التوحد من طفل إلى طفل آخر لكنهم يعتمدون على روتين محدد يصعب تغيره، لذلك على الأسر الانتباه لسلوك أطفالها، فيصبح الارتباط غير الطبيعي بالأشياء أحد أعراض التوحد، بجانب الميول للعزلة وعجز في التحصيل اللغوي والتواصل غير اللفظي، فضلاً عن طفل التوحد لا يميل إلى المعانقة، ولديه فتور في المشاعر، وربما يقهقه بدون سبب”. وتتابع: “قد تتجاهل بعض الأسر هذه الأعراض وربما لا تنظر لها بعين الجد، لكنها فعلياً تؤثر في نفسية الطفل، أما الانطواء فيصاحب الطفل إلى أن يكبر، ويبدأ بالعزلة والجلوس لوحده، ثم ينفصل عن المجتمع ويصبح ليس له أي علاقة مع أي شخص”.
عدم شعور بالآخرين
وبالنسبة للاختصاصي النفسي ضيف الله علوان أن طفل التوحد هو ذاك الطفل الذي لا يشارك الآخرين اللعب ولا ينشئ علاقات معهم، أما طفل الانطواء لا يحتك مع الآخرين بينما نجد طفل التوحد يشارك الآخرين، وينفتح مع المجتمع، ويمكن أن يكون علاقة مع عدد معين من الناس، وبالرغم من ذلك يفضل الجلوس وحده لأطول فتره ممكنة. وأضاف علوان: “من عيوب الانطواء عدم شعور الطفل بالآخرين، فيحيط نفسه بعزلة يعيش وسطها تلك العزلة تجعله لا يستطيع أن يلبي احتياجاته، ولا يشعر بالحب نحو الآخرين، لذلك نجده يجلس وحده أطول فترة ممكنة، وفي هذه الحالة يتفق طفل التوحد، وذاك المنطوي على نفسه”.
إحساس بالأمان
وعن أسباب انطواء الطفل يرمي د. ضيف الله باللائمة على الأم لأنها في كثير من الأحيان تكون السبب في ذلك عندما تكثر من تدليل الطفل، وذلك قطعاً يؤثر في نفسيته سلباً، أو تمنعه من الخروج للعب مع أصدقائه، كلها عوامل مجتمعة تؤدي به إلى عزلة تعرف بالانطواء. وقال: “تظهر أعراض الانطواء عندما يميل الطفل للسكون ولا يلفت الانتباه، بجانب إجراء حركات غريبة دون أن يتكلم مع أحد من أفراد أسرته، بجانب أنه لا يتألم كثيراً إذا عوقب بالضرب، ونجده دائما لا يفضل التحدث مع أي شخص”، لذلك ينصح لعلاج هذه الحالة أن يغمر الطفل بحنان والديه، وأكد ضرورة الاقتراب منه وإشراكه في مواضيع أسرية أو مشاركة أقرانه اللعب، ونبَّه إلى أهمية إعطائه الإحساس بالأمان وعدم معاقبته، لأن عقابه بحسب الطبيب النفسي يؤدي إلى صدمات نفسية، وعد الحب والحنان من جانب الأسرة أفضل الوسائل لعلاج الطفل الانطوائي وتشجيع الطفل على ممارسة هوايته.
مشاكل من الصغر
في السياق، تقول الباحثة الاجتماعية دكتورة سارة أبو: “إن الانطواء والتوحد من أكبر المشاكل التي تواجه الطفل منذ صغره ويفضل علاجها منذ الصغر لأنه يمكن أن يمتنع عن تناول العلاج عندما يكبر”. وتلفت إلى أن الفرق بينهما أن الطفل الانطوائي لا يشارك أصحابه أو الآخرين اللعب، غير أنه لا يحب الدخول في علاقات مع الآخرين.
الخرطوم – نهى إبراهيم
صحيفة اليوم التالي