عودة العمل المسلح في دارفور من خارج الحدود ببصمة خفية في التسليح وطريقة الهجوم
شنت قوات حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وحركة العدل المساواة هجوماً مفاجئاً السبت على ولايتي شمال وشرق دارفور بمحورين بقوات قادمة من خارج الحدود من دولتي ليبيا وجنوب السودان تصدت لهما القوات المسلحة مع قوات الدعم السريع التابعة، واستولت القوات المسلحة على ست مدرعات وعدد من السيارات العسكرية بكامل عتادها الحربي، ومقتل القائد العام لقوات حركة جيش التحرير فصيل مني أركو مناوي جمعة مندي، و عدد من القوات المهاجمة وأسر آخرين . وحسب المعلومات المتوفرة: إن القوة المتمردة القادمة من جنوب السودان جاءت على متن 63 سيارة عسكرية تم الاستيلاء على 45 ، بينما تم تدمير سعبة سيارات منها ، بينما كانت القوة القادمة من ليبيا على متن 140 سيارة شاركت منها مئة سيارة في المعركة، و تم الاستيلاء على خمسين وتم تدمير عدد منها
واشارت القوات المسلحة في بيانها السبت لرصدها حركة القوات المهاجمة في دولتي جنوب السودان وليبيا منذ إعدادها الذي يهدف لإجهاض ما تحقق من سلام واستقرار للمواطن في السودان عامة وفي ولايات دارفور خاصة ، وهو ذات ما أبلغ به وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور سفراء الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن ودول الترويكا والاتحاد الأوروبى بالخرطوم أن حركات التمرد الدارفورية الموجودة في دولتي ليبيا وجنوب السودان قصدتا من هجومهما جر الحكومة إلى مواجهة عسكرية لإجهاض وقف إطلاق النار المعلن من جانب الحكومة من طرف واحد لأكثر من عام ، ونسف ما تحقق من سلام واستقرار في دارفور بشهادة مجلسي: الأمن الدولي، والسلم والأمن والإفريقي
ويجئ هجوم الحركات المفاجئ على ولايتي شمال وشرق دارفور متزامناً مع نهاية اجتماعات غير رسمية استضافتها العاصمة الألمانية برلين انتهت قبل يوم من الجهوم بين ممثلين للحكومة وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بحضور ممثلين للحكومة الألمانية والإدارة الأميركية وتنسيق من الاتحاد الأوروبي وبعثة حفظ السلام بدارفور يوناميد، لكنها انتهت لطريق مسدود ، ويجئ هذا الهجوم بعد أربعة أعوم من الاستقرار الذي شهدته ولايات دارفور في أعقاب توقيع وثيقة الدوحة، ولمزيد من بناء الثقة بين الحكومة والحركات غير الموقعة أعلنت الحكومة قبل عام من الآن عن وقف لإطلاق النار من طرف واحد، وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت في أكتوبر العام الماضي عن نهاية الحرب.
من جانبه وصف الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة بقيادة دبجو الأستاذ نهار عثمان نهار الهجوم بالعمل المفاجئ إذ لم تكن هناك أيّ تحركات أو مؤشرات تدل على أن هناك هجوماً في ظل الهدوء والاستقرار الذي شهدته ولايات دارفور على مدى الأربع سنوات التي أعقبت اتفاقية الدوحة ، ويقول نهار في حديثه لـ(الصيحة): من واقع معرفتي بأسلوب الحركات الدافورية المسلحة المشهور عنها أنها اعتادت على أن تكون الجولات التفاوضية دائماً مصحوبة بزخم عسكري كرسالة منها بأنها موجودة على الأرض وهذا الهجوم جاء تزامناً مع المباحثات غير الرسمية التي استضافتها العاصمة الألمانية بين الحكومة وحركتي مناوي والعدل والمساواة ، ويذهب نهار في قراءته للهجوم وتوقيته مؤكداً ثمة رابط بينه وبين الأحداث والمتغيرات التي تشهدها دولة جنوب السودان خاصة بعد إقالة رئيس هيئة أركان جيش الجنوب فول ملونق الذي يعتبر أكثر الداعمين للحركات الدارفورية في الجنوب منذ أن كان حاكماً لولاية شمال بحر الغزال، إذ قام باستضافة الحركات ودعمها في منطقة أويل ، لكن إقالة ملونق مع عدد من القيادات الداعمة والمساندة لوجود الحركات في الجنوب أفقد الحركات الكثير من حلفائها، وغيَّر خارطة النفوذ والميزان داخل دولة الجنوب ، أما في دولة ليبيا فالأمر لا يختلف عن جنوب السودان بالنسبة لوجودها، إذ تشهد مناطق وجود الحركات في ليبيا تحركات عسكرية على نطاق واسع ، وأشار نهار إلى أن أكثر شئ لافت في القوة المهاجمة أنها اتبعت تكتيكاً مختلفاً عن الأسلوب القتالي المعروف لدى حركات دافور، وهذا يظهر من المعلومات المتوفرة عن نوعية التسليح وطريقة الهجوم أن هناك اختلافاً عن المرات السابقة، وهذا يجلعنا نخشى وجود أيادٍ خفية من جهة ما داعمة لهذه القوة في هجومها من غير دولة جنوب السودان والفصائل الليبية المتحالفة مع هذه الحركات.
ويؤكد نهار أن مثل هذا النوع من العمل المسلح سيكون له أثره على المواطن الذي في دارفور خاصة أنه جاء بعد سنوات من الاستقرار الذي شهده العموم، خاصة في شرق دارفور في مناطق مهاجرية ولبدو التي شهدت استقراراً شجع المواطنين على العودة الطوعية، وبالتأكيد تجدد الأعمال العسكرية سيؤثر سلباً على الاستقرار والعودة الطوعية للمواطنين لمناطقهم ، ويختم نهار: لكن دعنا ننظر ونحن متفائلين بأن تنتهي هذه التحركات من قبل المسلحين بهذا الهجوم، لأن المتضرر الأكبر هو المواطن، خاصة أنه مقبل على موسم زراعي له أثره في الاستقرار.
وفي ذات السياق اعتبر الناشط في قضايا دارفور والمحلل السياسي عبدالله آدم خاطر أيّ تصعيد في الوقت الراهن في دارفور أو أيّة بقعة في السودان أمر مؤسف ، وعاد خاطر في تعليقه لـ(الصيحة) على الهجوم الذي شهدته ولايتي شمال وشرق دارفور للإشارة إلى أن أسباب عدم الالتقاء بين الطرفين متوفرة، وهذا ما ظللنا ننبه إليه باستمرار أن انعدام الثقة بين أطراف النزاع يمثل المشكلة الأكبر رغم توفر النوايا للوصول لسلام بين الطرفين الحكومي والحركات لكن يظل انعدام الثقة بينهما من أكبر معوقات العملية السلمية ، لكن مهما كان الوضع فعلى الطرفين تكثيف العمل باتجاه تعزيز الثقة بينهما للحفاظ على المجهود الذي تقوم به الآلية الأفريقية وأن تكون محل ثقة واحترام للجميع ، لأجل إكمال رفع العقوبات الذي بدأ حتى نصل لمرحلة دولة لها من المقدرة والإمكانيات في صنع السلام الدولي والإقليمي .
وعن توقيت الهجوم قال إنه لا زال الوقت مبكراً للحديث في هذا الخصوص، لكن المؤكد أن هذا ردة فعل طبيعية لعدم تقدم المباحثات التي جرت مؤخرا في برلين بين حركتي تحرير مناوي والعدل والمساواة والحكومة وهذا يعيدنا للإشارة مرة أخرى لانعدام الثقة بين الطرفين، ورغم هذا على الجميع العمل في العملية السلمية دون تراجع.
الصيحة