التكريم.. واجب وطني
خبر في إحدى الصحف السيارة.. بأن نقابة العاملين بوزارة المعادن بصدد تكريم الفريق العامل الذي تم إيفاده للتقصي عن الجسم الغريب الذي سقط في منطقة النيل الأبيض…ويأتي التكريم لأن الفريق أكمل مهمته بنجاح وعاد الى العاصمة بعد أخذ عينات وقدم تقريراً وافياً عن الجسم الغريب.. .انتهى الخبر.. ولم ينتهي تساؤلي عن (هل المهمات غير المكتملة صارت من الكثرة بحيث يتم تكريم فريق أدى مهمته على أكمل وجه؟.. هل المهمات الكاملة أصبحت نادرة الى هذا الحد؟؟)
الخدمة المدنية التي كانت مضرب المثل.. ظهرت فيها بدع جديدة.. اسمها الحافز والتكريم.. فصارت كل مهمة من صميم العمل.. تستحق حافزاً.. وكل اكمال تكليف يتبعه تكريم.. ومن ثم نتساءل.. أين تذهب أموال الدولة؟؟.. ماهي في التكاريم والتحافيز دي.. لا وكلو كوم.. وما يدعى بظرف الاجتماعات كوم تاني.. فجأة كدا أصبح للاجتماع حافز لوحده.. يعني تمشي تجتمع.. تشرب شاي وقهوة.. وتقول كلمة كلمتين.. وتطلع تلقى ظرف سمين في انتظارك.. عرفتوا ليه كل ما تمشي لي موظف تلقاهو في اجتماع؟؟ ذلك أن الاجتماعات صارت تدر دخلاً إضافياً.. أو تسأل أحدهم لماذا لا يحضر اجتماعات في المؤسسة المعنية.. يرد عليك بكل برود (ظرفهم ما سمين).. ولو اطلعت على دفاتر الحسابات ستجد قائمة شهرية باجتماعات المدير ونائبه.. واللجان المكلفة والمنبثقة والموفدة والمبعوثة.. لو تسنى لك الوقت لتجمع حوافزها.. ستعرف ان هناك ثقباً بالخرينة العامة.. اسمه أموال الاجتماعات.. والعاقبة عندكم في المسرات.
طيب سؤال مفصلي.. ما هي المهام التي يتم أخذ الراتب الشهري على انجازها؟؟.. ان كان كل مهمة تكتمل يكون فيها تكريم.. وكل اجتماع يعقبه حافز ؟؟.. وكل سفرية لابد لها من نثرية وبدلات؟؟ متى دخل هذا التقليد عندنا؟؟.. وأصبح ديدناً لكل المؤسسات والمصالح حتى صار عادة لا يستنكرها أحد؟؟.. ربما تبادر الى ذهن البعض أن هذا نوع من المساهمة في رفع المعاناة عن الموظفين في الأرض (وأنا واحدة منهم بالمناسبة.. وأعرف أن الراتب لا يكفي حق العيش).. لكن ربط الأداء الوظيفي بالحافز.. يجعل الموظف غير متحمس لأداء المهام العادية والروتينية التي تم توظيفه من أجلها.. وتجده مهتماً بتلك المهام التي سيعقبها الحافز.. متسقطاً للاجتماعات التي يليها الظرف.. وباحثاً عن السفريات التي تزينها بدلات السفر والنثريات.. والمواطن طالب الخدمة.. لا بواكي له.
إن كان المراد هو رفع أداء الموظف.. فليتم ذلك بتفعيل فكرة الموظف المثالي.. أو موظف الشهر أو العام.. بحيث يتنافس الموظفون في الأداء لنيل جائزة تعطى لأفضلهم عبر مراقبة لصيقة وشفافة طوال العام.. ومن ثم تتم ترقيته.. وترشيحه لدرجات أعلى ونيل تدريب أفضل.. وفي المقابل يتم تحسين وضع الموظف الحكومي برفع الحد الأدنى للأجور.. ومد مظلة التأمين الصحي ليشمل أكبر قاعدة من الموظفين والعمال وأسرهم.. لكن لو استمر الأمر هكذا سيأتي يوم فيه يطلب الموظف حافزاً لمجرد حضوره الى موقع العمل.. ألا هل بلغت؟؟ اللهم فأشهد.
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة