عثمان ميرغني

يا شيخ الزبير.. (مافيش فايدة)!


على صفحته في “الفيسبوك” قرأت مقالاً للأستاذ الزبير أحمد الحسن الأمين العام للحركة الإسلامية، كتبه بمناسبة الذكرى “28” لحكم “الإنقاذ الوطني”.
الشيخ الزبير قدَّم )عرضحال( ولا أروع يتفضل فيه بكشف العلة التي تعتل منظومة الحكم منذ بدأت حتى عيدها الـ)28(.. بالله تمعنوا في ضمير المتكلم- هنا- في الجملة الافتتاحية التي استهل بها الشيخ الزبير مقالته، يقول )الحمد لله الذي وجدنا مستضعفين في الأرض، نخاف أن يتخطفنا الناس فأوانا، وأيدنا بنصره، ورزقنا من الطيبات(.

الزبير يقصد بـ )نا( المتكررة هذه أعضاء الحركة الإسلامية.. الذين كانوا )مستضعفين في الأرض(، )نخاف أن يتخطفنا الناس(.. )فأوانا، وأيدنا بنصره، ورزقنا من الطيبات..(، وكأني به يحصر كل حيثيات التغيير السياسي )الانقلاب في 30 يونيو 1989( في حركة مستضعفين، كانوا يخافون على أنفسهم أن يتخطفهم الناس.. فخطفوا هم الحكومة والناس معاً، حتى يومنا هذا!.

)البيان رقم واحد( الذي أذيع صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989 قدم حيثيات مغايرة- تماما- لما يقوله- الآن- الزبير أحمد الحسن، قال البيان: إن القوات المسلحة باتت تفتقر إلى كل المطلوبات لتحارب التمرد، وأن أمن البلاد، واقتصادها انهارا- تماماً- وأن الشعب السوداني بات على شفا جرف هار من الانهيار الكامل.
كانت كل حيثيات البيان رقم واحد تقول إن )المستضعفين( الذين يُخشى أن )يتخطفهم الناس( هم الشعب السوداني لا الحركة الإسلامية.. فإذا بالشيخ الزبير الآن يصحح التأريخ، ويؤكد بعظمة قلمه أن )نا( الانقلاب بُنيت على حيثيات حزبية محضة.

لكن كل هذا كوم وكوم آخر ما تفضل به الشيخ الزبير في خلاصة مقاله، فبعد )28( عاما- ثقالاً- لم يفتح الله على أهل الحكم بـ )النفس اللوَّامة(.. النقد الذاتي الموجب لتصحيح المسار، واستدراك الأخطاء.. فالزبير سرد نِعم الإنقاذ على الشعب السوداني من جسور، وطرق، وجامعات، ثم أجهد نفسه ليقول على استحياء )والعتبى له– أي الشعب السوداني- على ما كان من أخطاء وتقصير حتى نصححها(.. يا إلهي! مجرد )عتبى( على أخطاء وتقصير؟!، هل فقدان ثلث مساحة البلاد، وخُمس شعبها مجرد )عتبى على تقصير حتى نصححها(.. هل انهيار مشروع الجزيرة، والسكك الحديدية )حتى القضبان سرقت(، والخطوط الجوية السودانية، والخطوط البحرية السودانية، والمصانع، وحريق دارفور، ثم المنطقتين.. هل انهيار الخدمة المدنية، وقائمة طويلة كلها مجرد )عتبى على تقصير حتى نصححه(.

من أهم شروط )التصحيح( القدرة على نقد الذات، والإقرار بالخطأ.. فإذا عجز شيخ الحركة الإسلامية بعد 28 سنة عن أن يُوق شح نفسه الحزبية فلا سبيل إلى )نُصححها!( ولو استمر حكمه خمسين سنة قادمة.
بصراحة.. )ما فيش فايدة(.. على رأي الزعيم سعد زغلول!.

حديث المدينة – عثمان ميرغني
صحيفة التيار