الصادق الرزيقي

أزمة تلد أخرى ..!

تدخل الأزمة الخليجية مساراً جديداً سيكون وبالاً على المنطقة برُمتها ، ولن يكون الخليج العربي بعدها كما كان ، ويعبر هذا المسار عن حجم الأزمة وإلى أي حال وصل بها صُنَّاعها ، وأطرافها ،

ويبدو أن الموضوع أكبر من المطالب والشروط التي دفعت بها دول المقاطعة التي تحاصر قطر ، فمن سياقات ما يجري كل يوم أو ما جرى بالفعل ، لا تبدو هناك أية آفاق للحل ، و يستمر التصعيد والتصعيد المضاد حتى الوصول الى نقطة اللاعودة ويكون الجميع عندها خاسراً لا محالة .

> مع تمديد المهلة من جانب دول المقاطعة وتسليم قطر ردها الرافض حتما ًللمطالب الثلاثة عشر إلى أمير الكويت الذي يقود الوساطة ، لا نجد من واقع توالي الأحداث والتحركات الجارية إقليمياً ودولياً أن هناك قريب المنال ، فإذا ما ذهبت دول المقاطعة والحصار إلى آخر منتهى مطالباتها ورفضت الحوار والتفاوض مع قطر ، فليس لديها سوى الصدام والمواجهة التي يتوقع بعض المحللين والمراقبين أنها ستكون عسكرية، وهي ورطة كبيرة ووحل لا تستطيع هذه الدول الاستمرار فيه خاصة إذا ما فعَّلت قطر اتفاقياتها الأمنية والعسكرية مع حلفائها وبينها اتفاقيات معلنة وأخرى غير معلنة . فالمواجهة من هذا النوع لن تكون سهلة ، بالرغم من أن دول المقاطعة تلوح ولا تصرح بها لكنها كما تقول بعض التقارير الدبلوماسية الغربية والعربية واقعة وجرى التخطيط لها ، بالإضافة للكلفة السياسية الباهظة جداً لمثل هذه المغامرة غير المحسوبة ، أما إذا كانت الردود العسكرية من جانب الدول الأربع المناوئة لقطر ستكون خطوات عسكرية محسوبة بتوجيه ضربات انتقائية تجهض أية قدرات قطرية على الصمود مثل ضرب الموانئ والمطارات والمراكز الحيوية أو أية تدابير عسكرية أخرى من غير تدخل بري ، فإن قطر ستتأثر لكن الحريق سيمتد وتتوسع دائرة النار بسرعة في منطقة الخليج وتتدخل قوى أخرى لتزيد النار اشتعالاً وستعم الفوضى أيضاً دول المنطقة .

> الموقف السليم والصحيح لدول وأطراف الأزمة هو أن تجلس اليوم قبل الغد ، وتستمع الى الدعوات الدولية والإقليمية التي تدعو الى حل دبلوماسي عبر الحوار لإنهاء الخلافات الناشبة والمتصاعدة ، وقد عبرت كثير من دول العالم عن ملاحظات مهمة وجديرة بالاهتمام على المطالب الثلاثة عشر التي رفعتها دول المقاطعة والحصار إلى قطر التي رفضتها ، فالعلاقة مع إيران ليست محل إضرار بدول الخليج التي تحتفظ كلها عدا السعودية مؤخراً بعلاقات سياسية وتجارية جيدة مع جارتهم الشرقية، وتوجد أقليات شيعية لها ولاء لطهران داخل هذه البلدان وأقلها جميعاً الشيعة في قطر بحساب العدد ، ولا يستيطع أحد أن يجعل من العلاقات التجارية مع إيران نقطة تحسب ضد قطر ، إلا إذا كان مشروع الغاز المشترك بين إيران وقطر هو سبب من أسباب الخلاف، فموضوع إيران يمكن التحاور حوله وحله إذا جلست الأطراف ووضعت ما يمثل مصلحتها كدول مجلس التعاون الخليجي .

> أما قناة الجزيرة ، فمن الواجب النظر إلى ما يُقال من ملاحظات مهمة تصدر من خبراء وسياسيين في طول العالم وعرضه أن قناة الجزيرة هي قناة واحدة فقط تمتلكها قطر بينما تمتلك دول المقاطعة مئات القنوات الفضائية التي تعمل كل يوم .فكيف لا تستطيع هذه الدول مجتمعة ومنفردة مواجهة الإعلام القطري والتصدي لقناة الجزيرة؟! فمصر وهي رائدة الإعلام في الوطن العربي وراكمت خبرات وتجارب طويلة قبل أن تستقل قطر وتظهر كدولة مستقلة وقبل دول الخليج كلها لديها ما يزيد عن المائة وخمسين قناة فضائية تعمل كل يوم ، ولدى السعودية قنوات فضائية وأبرزها العربية ويمكنها أن تنشئ قنوات إضافية لمنافسة الجزيرة وكذلك لدى الإمارات قناة سكاي نيوز وغيرها من القنوات ، كل هذه القدرات الإعلامية والمالية لدول المقاطعة يمكنها أن تملأ الفضاء العريض وتنازل الجزيرة في ساحة السجال الإعلامي وتحد من تأثيرها .

> في قضية الإرهاب ،و كل شيء قابل للحوار إذا ما توفرت أدلة وحقائق دامغة حول التهم أو ما يدحضها ، فدعم الإرهاب ليس تهم جزافية تُطلق في الهواء ، فإذا جلس الإخوة الأعداء معاً وتداولوا ما بينهم من تهم وملاحظات ، او حتى حول قائمة المطلوبين وما يتوافق مع القانون وتكييف وضعهم ، فك هذه الأمور ليسِت هناك استحالة في حلها ، إذا هدأت النفوس وتجردت من أية أغراض أخرى غير معلومة ومفهومة واختبأت الأجندات السرية التي لم تطرح للعلن.ِ .

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة