مقالات متنوعة

الهروب من المؤتمر الوطني

* تحدثنا كثيراً في هذه المساحة عن الضمور السياسي والقاعدي الذي أصاب حزب المؤتمر الوطني، وكيف أنه أصبح مترنحاً بسبب سوء السياسات التي يدير بها الدولة، وكيف أنه وثق تماماً من انحسار عضويته وهروبها من تحمل سياسات حزب فاشل على جميع الأصعدة.
* نكرر اليوم إن الكرة في ملعب الشعب للإنقضاض على الأسد الذي تساقطت أنيابه ولم يعد بمقدوره فعل شيء للحفاظ على هيبته المفقودة سوى الزئير.
* المواطن لم يعد هو ذاته المواطن المرعوب من الحديث بصوت عالٍ والاعتراض، المواطن أصبح يناطح ويفاصح ويكاشف دون وجل في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف اليومية دون أن يضع يده على فمه.

* ولعل هذا ما فسر حديث رئيس القطاع التنظيمي بالمؤتمر الوطني قبل فترة، بأن الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي متهمة بمحاولة صناعة صورة قاتمة للحزب كأنه لم يقدم شيئاً للشعب ووصم حكومته بالفساد، وهو الحديث الذي وجد استنكاراً واسعاً من المواطنين خاصة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والتي وصفت حديثه بغير الموفق باعتبار أن كافة أزمات البلد والفساد المستشري طولاً وعرضاً والذي تحدثت عنه الوسائط بالوثائق لم يكن من بنات أفكار رواد السوشيال ميديا، أو كما يقول العامة مجرد حديث واتساب.

* الأمر الذي لم يضعه أباطرة الحزب الحاكم في حساباتهم إن معظم جيل الواتساب والفيس بوك وتويتر هم جيل الإنقاذ، الذين ولدوا مع أو قبل ثورة الإنقاذ بقليل، وعاشوا كافة المآسي التي مولتها ورعتها الإنقاذ وأذاقتها للشعب المضيوم.
* وهو ما يفسر ظاهرة انفضاض هذا الجيل من حول الحزب الحاكم ولجؤهم لأحزاب المعارضة، بعد حالة التكلس التي أصابت فكر وسياسات الحزب وفشله في استقطاب الشباب.

* أهل الحزب انفسهم اعترفوا بأن الحزب يواجه تحديات في مجال استقطاب الشباب، باعتبار أن إهتمامات هذا الجيل مختلفة، وأكبر دليل هو ما قاله أحد مسؤولي الحزب من قبل بأن الحزب اذا استمر في العمل بالطرق التقليدية، مؤكد سيفقد هذا الجيل وسيخرج منهم الجيل الذي ولد في عهد الإنقاذ وقاموا بتربيته وتعليمه.
* الحزب الذي يجاهر قادته بعدائهم للمواطن فعلاً وقولاً، ويتباكى على فقدان العضوية من الشباب، نسي إن الجيل الذي يتحدث عنه هو ذات الجيل الذي تم ضربه وفصله تعسفياً من الجامعات، وقتل من قتل منه تحت سمع وبصر الحزب والنظام الحاكم لمجرد أن قال لا للجشع وللظلم؟
* هذا الجيل وجد نفسه عاطلاً عن العمل ومشرداً وجائعاً ومفصولاً ومغضوباً عليه، وبات يشكل مهدد أمني كما وصفه أحد قادة الوطني من قبل، لذا سيبقى خيار الانضمام لحزب المؤتمر الوطني آخر خياراته السياسية إن لم يكن من بينها على الأطلاق.

* ذاكرة التاريخ لا تنسى، والغبن بداخل المواطن يتمدد يوماً بعد يوم، والحزب الحاكم بات يشكو من بيات شتوي، ونفور من قاعدته، وهروب جماعي، وهجوم كاسح في صحف الخرطوم من قياداته، وهي الفرصة المناسبة للخطوة القادمة للتغير جاءت على طبق من ذهب في إنتظار من يتعامل معه بحكمة سياسية للخروج من البلاد لبر الأمان دون خسائر.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة