ثم ماذا بعد..؟
ما لم تفهمه الحكومة والجهات الرسمية وغير الرسمية في أزمة اتحاد كرة القدم التي تمخضت عن تعليق النشاط الرياضي السوداني ، إن القضية كانت سياسية بامتياز حتي وإن كانت كل الأطراف فيها تنتمي للمؤتمر الوطني
وتؤيد الحكومة كما قال السيد النائب الأول ورئيس الوزراء القومي من قبل ، معروف أن السياسة في كل العالم صارت قريبة جداً، بل مندغمة في كل النشاط العام للمجتمعات . وكشفت أزمة الخليج الحالية تدخل السياسة في النشاط الكروي عندما ارتفعت أصوات سياسية في دول الحصار والمقاطعة مطالبة الفيفا بإلغاء استضافة دولة قطر لكأس العالم ٢٠٢٢م ، وكثير من المشاكل التي ضربت العصب الحي لأهم مؤسسة دولية لإدارة كرة القدم في العالم كانت وراءها أغراض ومقاصد سياسية بامتياز.
> أزمتنا الراهنة وقرار التجميد والتعليق ، ليس بعيداً عن السياسة ، سواء أكانت تمظهرات العمل السياسي في إدارة الملف من الحزب الحاكم أم سعي مجموعة الاتحاد المنتهية دورته الى تدويل القضية وتحريض الفيفا والانتقام الفج الذي سعت إليه ولطَّخ سمعة البلاد وأهانها .
> الحكومة ما كان عليها أن تترك الحبل على الغارب كل هذه الفترة وتعجز عن معالجة حاسمة للأمور التي جرت أمامها وتحت سمعها وبصرها، حتى وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه ، وبطء التحركات الرسمية الحكومية واستسهال التعامل مع هذا الملف وعدم الاستماع الى أصوات كثيرة من بينها أولي الخبرة جعلنا نسقط جميعاً الى القاع ونتلطخ بروث الغرض السياسي .
> لا يفهمن أحد أن ما جرى هو مجرد خلاف بين مجموعتين متنافستين على مقود اتحاد كرة القدم السوداني ، فذلك أبعد ما يكون عن ما جرى ، فالأصل في الخلاف بدأته السياسة وانتهت به ، وينبغي أن ينظر الى هذه السياقات بنظرة أعمق. فالذين حركوا ملف الفيفا واستنصروا بها يعلمون الى أين يقود تحركهم هذا ولواذهم بها ، وكل ما كسبوه هو هدف مرسوم بدقة ومخطط دبّر بليل وحُبك تحت خيوط الظلام ، لإدخال البلاد في أتون حالة من الإحباط والقلق والتشويش والتشويه وجر التفاعلات الشعبية برياضة كرة القدم الى ساحة الفوضى والتأزم ، وصار السودان وهو على بعد خطوات من الانفراج السياسي والاقتصادي في حال رفع العقوبات الأمريكية عنه ، مرة أخرى على كل لسان كبلد لا يستطيع حتى إدارة ملفات الرياضة ولا تنفك الدولة عن التدخلات السافرة في الشأن الأهلي ، لقد أرادوا رسم وتحديد إبعاد هذه الصورة مستغلين أزمة اتحاد كرة القدم، ومستغفلين الدولة وحزبها ومتواطئين مع الفيفا بالتحريض والمعلومات الكاذبة وتأليبها .
> نعلم أن إدارة هذا الملف كانت في أدنى مستوياتها، بل في الحضيض ، فكل ما يمكن عمله في حال نجاح المساعي الحكومية حتى تنقشع الأزمة ، هو طَي الملف بشخوصه ورموزه والمحاسبة الصارمة وفتح صفحة جديدة تقود الى إنشاء واقع رياضي جديد بتشريعاته ونظمه وقوانينه ومن يديرونه ، وإزاحة كل الوجوه السابقة خلال الأربعين سنة الماضية والإتيان بأفكار وتصورات جديدة تعيد للسودان مكانته وهيبته وسبقه ، وتعيد لكرة القدم التي انحطت أصلاً مكانتها واحترامها ..
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة