الذكرى السادسة لانفصال جنوب السودان.. (أبيي).. لغم قابل للانفجار
القضايا العالقة بين دولتي السودان كثيرة لا حصر لها، وخلال ست سنوات شهدت تخلّق دولة جنوب السودان، ثارت العديد من القضايا بين “الخرطوم – جوبا” ولكن برغم فاتورة التبعات الباهظة، يمكن القول إن الأرض لم تتحرك بين البلدين، جراء حالة غض الطرف عن أكبر معكرات العلاقة المتمثلة في قضية (أبيي).
والحق باتفاقية السلام الشامل (نيفاشا – 2005) برتكول خاص بالمنطقة يشتمل على كل الاحتمالات بما في ذلك وضعيتها إذا ما انفصل الجنوب، ولكن لم يعرف إلى أين ستتوجه المنطقة بعد ستة أعوام.
ويمتلك السودان وثائق قديمة وحديثة تؤكد أن المنطقة تتبع للشمال جغرافياً، وبالتالي عامل قانون الجنسية السوداني أهالي دينكا نقوك باعتبارهم مواطنين سودانيين.
وسبق أن لجأت حكومة الخرطوم والحركة الشعبية – شمال، إلى محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، لمعرفة جغرافيا المنطقة، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم ترسيم للحدود، الأمر الذي نزع فتيل أزمة كادت تؤدي إلى حرب عسكرية بين الطرفين.
ولما أقدمت دولة جنوب السودان عقب انفصالها على مهاجمة حقل هجليج النفطي، تلقت إدانات دولية واسعة بحسبان أن اتفاق لاهاي جعلها خارج حدود أبيي وضمن التراب السوداني.
مقترح دانفورث
قدم المبعوث الأميركي الخاص السيناتور جون دانفورث إلى النائب الأول لجمهورية السودان السابق، علي عثمان محمد طه رئيس وفد الحكومة المفاوض وقتذاك، ورئيس الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق مقترحاً معنوناً بـ(مبادئ الاتفاق حول أبيي) ليعلن الطرفان موافقتهما على تبني هذه المبادئ كأساس لحل النزاع حول أبيي، ووقع برتكول حسم النزاع في أبيي في نيفاشا الكينية في 26 مايو 2004م كجزء من اتفاقية السلام الموقعة بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية في العام 2005م، ووضع البرتكول عددا من الخيارات والحلول للمنطقة مشتملة على اقتسام أموال البترول وتنظيم الرعي، وأشار البرتكول ضمناً إلى وضعها حال اختار الجنوب الوحدة أو الانفصال ضماناً لسكان المنطقة من قبائل المسيرية ودينكا أبيي، وبعد مرور ستة أعوام على استفتاء الجنوب الذي أقرته اتفاقية السلام الشامل والذي تمخضت عنه قيام دولة جنوب السودان بعد أن اختار الجنوبيين خيار قيام دولتهم، ما زالت قضية أبيي تراوح مكانها في أزمتها.
حبيسة التعنت
يرى المهندس يحيى جماع أحد عمادات أبيي أن قضية المنطقة ما تزال حبيسة التعنت بسبب صقور دينكا نقوك (دينق ألور وأعوانه)، وقال في حديثه مع (الصيحة) إن اتفاقية أديس ابابا تُلزم بأن تنشأ بأبيي إدارية ومجلس تشريعي وتنص على استمرار الحياة السياسية والتنفيذية والتشريعية.
وبعد مرور ستة أعوام على انفصال الجنوب وما شهدته الساحة من أحداث يؤكد يحيى على أن أبيي ما زالت شمالية وأن الجنوب أصبح دولة مفككة وغير آمنة ليتم التفاوض معها عن أبيي، مشيرًا إلى أن قبائل دينكا نقوك نزحوا إلى مناطق المسيرية وبقية مناطق شمال السودان ونالوا الأوراق الثبوتية التي تثبت سودانيتهم، منوهاً إلى أن الوضع سيبقى كما هو عليه في أبيي بسبب أن ليست هنالك طرق أخرى للحل في ظل الأوضاع التي تشهدها دولة الجنوب، وهاجم يحيى برتكول أبيي الذي وضعه السيناتور “جون دانفورث” الخاص بأبيي ووصفه بالوهمي وغير الحقيقي، قائلاً إن الأيام أثبت خطل البرتكول بعد الذي جرى في دولة الجنوب، وأشار يحيى أن الوضع في دولة الجنوب منهار وأن أبيي ستظل كما هي.
تنفيذ الاتفاقيات
عاب مسؤول الشؤون الإنسانية في إشرافية أبيي، بختان الدغم، عدم تنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها في أبيي، بخلاف اتفاقية الترتيبات الأمنية التي جاءت بالقوات الأثيوبية “يونسفا”.
وشدد بختان خلال حديثه مع (الصيحة) على التواصل الشعبي كحل لقضية أبيي بين دينكا نقوك والمسيرية، ورجع بختان للعام 2012م بعد حادثة مقتل كوال دينق الشيء الذي أزم العلاقة بين الدينكا والمسيرية، وأضاف بختان بأن العلاقة الآن بين الدينكا والمسيرية في أحسن حالاتها بعد إنشاء أسواق السلام في المنطقة مما ساعد في التقارب بين الطرفين.
ورأى الدغم أن الدبلوماسية الشعبية قادرة على هزيمة الاتفاقيات السياسية وجعل التعايش ممكناً بين مكونات المنطقة، واستبعد الدغم أن يحدث جديد في أبيي دون أن تنفذ الاتفاقيات، خاصة وأن أبيي لا يوجد بها إشرافية أو إدارية.
دعوة للتعايش
بدوره يرى المحلل السياسي بروفيسور عبد اللطيف البوني أن دولتي السودان، وجنوب السودان مشغولتان بما هو أهم، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) إن قضية أبيي تعتبر الآن قضية نائمة، مشيراً إلى أن الوضع في أبيي سيكون أفضل إذا ما اتفق الطرفان على التعايش والتنسيق بموافقة الحكومة السودانية، فيما استبعد البوني أن يكون لدولة جنوب السودان دور في حل قضية أبيي خاصة في الفترة الحالية بسبب ما تعيشه من تفكك وتناحر داخلي بين مكوناتها.
الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
صحيفة الصيحة