من يستحق العقاب؟!
-1- استمعتُ لإفاداتٍ عن أزمة الاتحاد العام لكرة القدم جديرة بالاحترام، من الدكتور شمس المعارف بخيت المستشار القانوني لمجلس دبي الرياضي، في برنامج على قناة الملاعب، استُضيفَ فيه الصديقان العزيزان هيثم كابو وأبوهريرة حسين.
شمس المعارف، شخَّص الأزمة وحمَّل كُلَّ طرف ما عليه من مسؤولية، واقترح مخارجة قانونية وأخلاقية لموضوع إلغاء قرار وزارة العدل.
المُقترح تقديم طلب من مجموعة المدهش الفريق عبد الرحمن سر الختم للوزارة، بسحب الشكوى ضدَّ اتحاد معتصم ومطالبتهم بإخلاء مقر الاتحاد.
بذلك يُرفع الحرج عن الوزارة، ويُسهم ذلك في رفع التجميد والحظر.
-2-
ومع وجاهة المُقترح، لكنه علاج صحيح في الوقت الخطأ، وجس بعد الذبح.
كُلُّ المعالجات المُقترحة كان الغرض منها تفادي السيناريو السيِّئ الذي نُكابد مرارته الآن.
(وقع الفأس على الرأس وانكسر المرق واتشتت الرصاص وتحطمت الزجاجة واندفق الزيت).
الأزمة الآن تجاوزت دائرة الرياضة إلى نطاق أوسع متعلق بسمعة وطن وإثارة كراهية ضد الدولة والحزب الحاكم.
-3-
للأسف المشكلات عميقة والحلول المُقدَّمة لعلاجها سطحية.
ستُصبح الكارثة أكبر والمصيبة أضخم، إذا مرَّ كُلُّ ذلك دون حساب وعقاب.
كل من تسبَّب في ما وصلنا إليه يجب أن يُعاقب على قدر ما اقترفت يداه.
لا استثناء في ذلك لطرف أو جهة.
ولإزالة الاحتقان وتجنُّب التداعيات السالبة، من الأفضل إبعاد كُلِّ رموز الأزمة في كُلِّ الأطراف من الواجهة في الانتخابات القادمة.
ما يُثار عن فسادٍ لاتحاد معتصم تفصل فيه المحاكم، ولا يُصبح “كرتاً” للابتزاز وتشويه السمعة.
-4-
أما اتهام معتصم ومن معه بالتخابر لصالح (الفيفا) وتضليله بمعلومات كاذبة وإساءته لسيادة الدولة، بل البعض طالب بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى ، هذه اتهامات ساذجة، تكشف محدودية المعرفة وقصر النظر.
مثل تلك الاتهامات لا تخطئ فقط في مقترح العلاج، ولكنها قبل ذلك تخطئ في تصور الأزمة.
-5-
كرة القدم في الأساس لعبة غير محلية، ليست مثل (شليل وشدَّت وكمبلت)، هي لعبة تُدار بقوانين ولوائح دولية.
هنا لا حديث عن السيادة وهيبة الدولة، و(فلان دوّلها) وفلان عميل لـ(الفيفا) أو له علاقة آثمة بفيفي عبده.
كرة القدم مُدوَّلة في الأساس و(الفيفا) مرجعيتها الحاكمة.
من قَبِلَ بذلك فعليه الالتزام بقراراتها، ومن رأى فيه تجاوزاً لسيادته، فعليه الانسحاب والانكفاء على ذاته.
-6-
ليس في الرياضة فقط، بل في كُلِّ أنشطة الحياة، هنالك قوانين متجاوزة لأسوار الحدود الوطنية.
العالم لم يعدْ قرية صغيرة.. هو الآن غرفة من زجاج شفاف – وليس مُظلَّلاً – لا تستطيع أن تفعل شيئاً دون أن يراك الآخرون ويحكموا على ما تفعل، قدْحاً أو مدْحاً.
من حقِّ اتحاد معتصم أن يلجأ لـ(الفيفا)، إذا شعر بظلم أو تجاوز، مثل ما فعل سلفه الدكتور كمال شداد، ومن حق الآخرين إبطال دعواه والطعن في حيثياتها.
اتهام معتصم بالتضليل والكذب حق للمدعين، ولكن الجهة المرجعية التي تفصل في الادعاء هي (الفيفا).
-7-
بعد زيارة وفد (الفيفا) ووضع خارطة الطريق، لم يعد الخلاف بين معتصم ومجموعة المُدهش، بل أصبح بين الفيفا ووزارة العدل ومجموعة همد وحميدتي وسيف الكاملين، الموجودين في مباني الاتحاد بأمر وزارة العدل وتحت حماية الشرطة.
-8-
ستكشف الأيام أن من قام بتضليل قيادة حزبه بمعلومات مُعتلَّة ومُشوَّهة وحقائق ناقصة وقراءات طائشة، هم قيادة أمانة الشباب والرياضة بحزب المؤتمر الوطني.
تحدَّثتُ في مرَّة مع الباشمهندس إبراهيم محمود، نائب رئيس الحزب عن الأزمة، وما يُمكن أن يَنتج عنها من مخاطر وأضرار.
الرَّجل كان إيجابياً وحريصاً على الاحتواء، ولكن وضح لي أن له ثقة وحسن ظن في المُمسكين بالملف.
بكل تأكيد الآن ثبت له من ما آلت إليه الأوضاع، أنه منح ثقته لمن لا يستحقونها.
– أخيراً –
هم لم يقصدوا الإضرار بحزبهم، ولا إساءة سمعته والتحريض عليه، ولكن هذا حدُّهم في المعرفة، ومدى جهلهم بطبيعة الحقل.
ولأهلنا البسطاء حكمة ناجعة: (الما بعرف ما يدو يغرف يا كسر الكاس يا حير الناس).
ضياء الدين بلال