(اختيار التخصصات) يطالب المهتمون بضرورة تخصيص مكاتب تهتم بالدعم النفسي والاجتماعي وتساعد الطلاب في تحديد خياراتهم الدراسية
في هذا التوقيت من كل عام تعيش معظم المنازل السودانية حالة من الشد والجذب، بين الطلاب الذين اجتازوا امتحان الشهادة السودانية وآبائهم، يستمر التشنج إلى أن يحسم مكتب القبول الفوضى بقبول الطالب في إحدى الكليات التي تتناسب مع محصلته في نتيجة القبول، كثير من الطلاب يرفعون الكثير صوت رغباتهم الدراسية تحت شعار (لن أعيش في جلباب أبي) ولن أسمح لغيري بتحديد مصري، ما يُخيف أسرهم، ويدفعهم لرفع شعار الوصاية (نحن أدرى بمصلحتك)، وهناك طلاب لا يعلمون ماذا سيدرسون أو ما هي المجالات المناسبة لهم، لكن تُسيطر عليهم رغبة القفز من مرحلة الثانوي للمرحلة الجامعية، فيملأون استمارة التقديم بكل الممكن وبعض المستحيل الكليات.
يتفاجأ الكثير من الطلاب بأنهم اختاروا مجالات لا تتناسب مع ميولهم واهتماماتهم، قد يأتي هذا الاكتشاف من العام الأول وأحيانا الثالث، لكنهم يستمرون في هذه الدراسات متذرعين بحجة أنهم لا يريدون تضييع عدد أكبر من الأعوام، فمن المسؤول عن سوء اختيار هؤلاء الطلاب؟
حالة تشتت
الرغبة في دراسة مجال جامعي معين يُحددها المستوى الأكاديمي للطالب، ومن ثم ننظر بعين الاعتبار إلى رغبته في دراسة ذلك المجال، بحسب حمد الزين أحمد – خبير تربوي ومعلم لأكثر من 41 عاما، خريج بخت الرضا- حيث قال لـ (اليوم التالي): يستطيع الأساتذة تحديد ميول الطلاب بسهولة جدا، ومن المفترض أن يساعدوهم في التركيز على ما يناسب إمكانياتهم الأكاديمية، لكن مع تسارع إيقاع الحياة وعطب الاقتصاد، بات معظم المعلمين أكثر انهماكا في توصيل الرسالة التعليمية دون الاكتراث إلى توجيه بوصلة اهتمامات الطلاب، ويعاني كثير من الطلاب حالة من التشتت وعدم تحديد المسار الدراسي الذي يتناسب معهم، في الوقت الذي في هذه الحالة تختار الأسر بالإنابة عن الطالب ما ينبغي علية دراسته، وبعد عدة أعوام من الدراسة الجامعية يصطدم الطلاب بعدم مواءمة هذا المجال لهم.
كيان يساعده في الاختيار
قالت الباحثة الاجتماعية ثريا إبراهيم لـ (اليوم التالي): ينبغي أن تتوفر داخل المدارس مكاتب خاصة بالدعم النفسي والاجتماعي والطلاب، من مهامها مساعدة الطالب في تحديد خياراته الدراسية، هذا بعد الرجوع إلى علامات تحصيله الأكاديمي ونشاطاته المدرسية سواء أكانت ذات ميول فني، رياضي، أدبي وغيرها من الاهتمامات. وأضافت: تظهر اهتمامات الأطفال وميولهم منذ الخامسة من العمر، وينبغي على الأسر الاهتمام بهذه المواهب، وأن يُدركوا أن لكل شخص مواهبة التي ليس بالضرورة أن تُشابه مواهب وقدرات شخص آخر، لذا يجب ألا يضغطوا على ابنائهم في ولوج مساقات وكليات دراسية رغما عنهم.
فشل وإحباط
وواصلت ثريا حديثها قائلة: إجبار الطلاب على دراسة كليات غير راغبين فيها، يولد حالة من عدم الرضا المستمر، وإذا ما فشلوا في هذه الدراسات فإنهم سوف يحملون أسرهم نتيجة هذا الفشل. واستطردت: في دول العالم المتقدمة تتعامل المدارس مع الطلاب بنظرية حرية الاختيار، فلا يلتزمون بزي دراسي معين، كلٌ يرتدي حسب ذوقه الخاص، وذلك كي يساهموا في تقوية شخصياتهم ويعطونهم أول مساعدة في الخيارات الخاصة، ولا تُفرض عليهم أي أساليب تربوية لا تتناسب معهم، ويمنحون حرية خيار المواد التي تتناسب مع مستواهم الأكاديمي، وتكون هناك متابعة بين الأسر والدارس، وذلك ليصلوا بالطفل للمنطقة التي يستطيع منها الانطلاق للعالم، وهو يسير على أرضية ثابتة.
صراع ازلي
وقال أستاذ حمد الزين: البعض يحدد لهم آباؤهم دراسة المساق الأدبي أو العلمي منذ بداية دخولهم للمرحلة الثانوية، من ثم يختارون لهم الكليات التي ينبغي عليهم دراستها إرضاءً لرغبات الأسر، التي تُريد أن تتفاخر بدراسة أبنائهم للطب أو الهندسة دون مراعاة لما يريده الطالب.
الخرطوم – نمارق ضو البيت
صحيفة اليوم التالي