في الجزيرة نزرع (قطنا)…!!
* بين الفينة والأخرى نكتب عن مشروع الجزيرة الذي لا نمل عن الكتابة عنه، ولا نيأس بأن ينصلح حاله في يوم ما على يد رجل ما.
* وكيف لا نكتب عنه وهو الذي كان إلى عهد قريب (منقذنا) الاقتصادي من كل كبوة مالية ، و(صرافنا الآلي) عند كل ضائقة سيولة تلم بخزينة الدولة .
*قبل عامين من الآن أكمل شيخ المشروعات الزراعية في العالم العربي والأفريقي عامه التسعين..
* دخل شيخ المشروعات عقده العاشر وهو يئن بمر الشكوى من الإهمال والقتل بدم بارد بفعل تشاكس سياسي بين أطراف شتى وبفعل سياسات متخبطة جعلت من المشروع العريق حقل تجارب لقرارات وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان.
* لا أكتب اليوم عن مشروع الجزيرة بوصفي أحد مزارعيه أو أحد أبناء الجزيرة الخضراء التي يشرفني الانتماء إليها، لكنني أكتب من موقع المسؤولية القومية التي تقودني إلى المناداة بإصلاح هذا المشروع القومي المعطوب بفعل فاعل.
* هذا المشروع الذي لا ينكر فضله على الاقتصاد السوداني إلا مكابر، ودونكم تقرير بريطاني عن المشروع في سنة 1950-1951(يوجد أصله بالوثائق البريطانية).
* يقول التقرير البريطاني إن أرباح مشروع الجزيرة في ذاك العام بلغت (ثلاثة وعشرين مليون جنيه استرليني)!!!
* كانت حينها بريطانيا تدير شؤوننا..!! أتدرون ماذا فعلت حكومة الحاكم العام بتلك الأرباح؟
* الحكومة البريطانية استخدمت هذه العائدات في تشييد الآتي: ميناء بورتسودان، وتوصيل سكك حديد إلى الخرطوم – مدني – بورتسودان، وبناء الوزارات بالخرطوم. وبناء كلية غردون، (مباني جامعة الخرطوم حالياً) وبناء خزان سنار والقنوات والمواجير حتى نهاية المشروع. وإنشاء سكك حديد الجزيرة. واستجلاب وإنشاء المحالج والهندسة الزراعية!!.
* ومما يذكر في فضل مشروع الجزيرة على الاقتصاد السوداني ما قاله الرئيس الراحل جعفر نميري في برنامج (أسماء في حياتنا) حين سأله المذيع عمر الجزلي عن المصدر الذي وفر له المال لاستخراج البترول في أواخر سبعينيات القرن الماضي (وليس الستينات) فكان جواب النميري من مشروع الجزيرة!!
* واقع الحال الماثل للمشروع يقول إنه توقف تماماً عن تأدية دوره الأساسي، وهو المساهمة في الاقتصاد الكلي للبلاد، وتوفير مصدر دخل لشرائح كبيرة من المجتمع”.
* ويبدو واقع مشروع الجزيرة صعباً ومعقدًا في الوقت الراهن، خصوصًا بعد انهيار البنية التحتية للمشروع من جسور وقناطر وغيرها إذ تحتاج عملية إعادة بنائها إلى أكثر من 800 مليون دولار.
* واقع المشروع المائل يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة لتأمين ما تبقى من أصوله، بعدما تم التخلص من أغلب الأصول بيعاً وتمليكاً للعمال والمزارعين وفقاً لقانون المشروع لسنة 2005.
* فالمشروع الذي يعد أكبر مزرعة مروية تحت إدارة واحدة بأفريقيا في مساحة 2,2 مليون فدان، فقد عدداً كبيراً من المحالج والورش والهندسة الزراعية وسكك حديد مشروع الجزيرة، بجانب منازل وسرايات في أعقاب قانون 2005.
* هذه التدابير تتمثل في معالجة أزمات المشروع إدارياً وفنياً..
* إدارياً، وإن كنت أرى في تعيين محافظ للمشروع بعض الأمل إلا أن الأمر يحتاج لإدارة لا مركزية أكثر انعتاقاً من المركز تقوم على دراسة علمية ويأتي تطبيقها متدرجاً مع توسيع دائرة الشورى والمشاركة في اتخاذ القرار والالتزام به، بجانب قدرتها على اتخاذ القرار وسرعة تنفيذه.
*فنياً، يحتاج المشروع لقيام مناطق إنتاجية مختصصة وهي ضرورة تستوجبها طبيعة كيمياء المشروع المتنوعة والمتباينة، لتسهم في حل مشكلة ضعف الإنتاجية، ومشكل المزارعين المعسرين لتطوير إنتاجهم ورفع مستوى معيشتهم، وهذا ما نرومه.
رمضان محوب- الصيحة