الأمر يتعلق بالـ (أنا) لدى ترمب!
-كانت كل الدلائل (المنطقية) تشير الى أن رفع العقوبات عن السودان في الثاني عشر من يوليو هو الأمر الراجح. كل التوقعات ليس في السودان فحسب , بل في مناطق عديدة من العالم كانت تشير الى تلك النتيجة.
لكن ذلك لم يحدث. أصدر الرئيس الأمريكي ترمب امراً تنتفيذيا بتمديد العقوبات لمدة ثلاثة أشهر أخرى. البيان نفسه الذي حمل التمديد أشار الى تعاون السودان في المسائل المعلقة, ومعنى هذا ان البيان جاء بنتيجة هي عكس (حيثياته) هو! اذن الأمر لم يكن متعلقا بــ (عدم سلامة) موقف السودان كما أن الأمر لم يكن متعلقا بـ (سلامة) الموقف الأمريكي اذ لو كان الأمر كذلك للجأ السيد ترمب الى الغاء الأمر التنفيذي ذاك الذي أصدره سلفه الرئيس أوباما وأعاد الأمور الى ما قبله وهو أمر فعله الرئيس ترمب في أمور أكثر خطورة من وجهة نظر الداخل الأمريكي, ونشير هنا الى ما فعله ترمب بخصوص برنامج الرئيس أوباما الخاص بالرعاية الصحية والمعروف باسم (أوباما كير). كما أن الرئيس ترمب أيضا فعلها بأمر يخص الخارج الأمريكي ونشير هنا الى ما حدث بخصوص حظر سفر مواطني ست دول عربية واسلامية الى الولايات المتحدة. لقد حاولت بعض التعليقات أن تلقي بالمسئولية في هذا (التصرف) من قبل الرئيس ترمب على عدم اكتمال طاقمه الاداري التنفيذي, وهذا أمر مستبعد تماماً , فالرئيس ترمب ومنذ مجيئه الى البيت الأبيض لم يكن هذا القصور في النقص الاداري يمنعه من اتخاذ قرارات خطيرة ومصيرية تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية لأمريكا, بل إن قرار إلغاء (أوباما كير) قد أصدره الرئيس ترمب في اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض وفي وقت لم يكن هنالك من مسئول أمريكي تنفيذي مجاز (سواه هو)! كما ان البعض اشار الى بعض (اللوبيات) في أمريكا وخارجها باعتبارها مسئولة عن اتخاذ القرار وهو أمر يدعو للسخرية, خاصة للذين يعرفون طريقة تفكير السيد ترمب! اذن ما هو التفسير المنطقي أو حتى (غير المنطقي) لهذا الموقف؟ في رأيي أن الأمر يتعلق بالرئيس ترمب شخصيا. الأمر يتعلق بـ (الأنا) عند ترمب أما ما يعرف بالـ (ego) لدى الرجل. و هذا يجد صدى عند الكثيرين في أمريكا أو خارجها , حيث كانت هنالك الكثير من (الإفادات) حول التركيبة النفسية للسيد ترمب, خاصة في فترة الحملة الانتخابية الأمريكية حيث تم تصوير الرجل باعتباره شخصية (نرجسية) يهمها في المقام الأول صورتها وجمال تلك الصورة, كما تم تصويره كشخص أحادي التفكير وذاتي الاتجاه. والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى فقد دخل السيد ترمب في مشادات و (مجابدات) واسعة و عميقة حتى مع (مؤسساته) الأمنية والتشريعية وحتى القضائية. السيد ترمب أراد أن يضع (بصمته) هو على قرار رفع العقوبات عن السودان بصفة نهائية. ومن نفس المنطلق فقد أراد أن يمسح (بصمة) أوباما من الملف ويأخذ (شكرة) القضية وذلك بعد انقضاء (المدة) التي يحددها هو وليس مدة أوباما. وأغلب الظن عندي أن العقوبات سترفع بشكل كلي يوم 12 أكتوبر بإذن الله وليس بإذن ترمب. اذن الأمر لا يشكل مشكلة للسودان والذي أعلن ببساطة أنه ليس لديه ما يقدمه لأمريكا. نحن الآن نتحدث عن مشكلة تتعلق بالإدارة الأمريكية, فمطلوب من الرئيس ترمب أن يقدم تفسيرا (منطقياً) ليس للسودان بل لمؤسساته هو والتي أجمعت كلها على ضرورة رفع العقوبات بشكل كلي ونهائي عن السودان.
عبد الرحمن الزومة-الانتباهة