فإن عدتم أيها الأمريكان فإنا عائدون
– أما عُلم أخي غندور أن القلوب التي هفت وأنشدت ونضئت بأرجوزتها المحببة والطاغية الأمريكان ليكم تدربنا بيقول الله وقول الرسول ليكم تسلحنا)؟, قلوب كانت مليئة بحب الله وعشق رسول الله صلى الله عليه وسلم,
قلوب تعلقت هماً بإحدى الحسنين, قلوب ما كانت ترى في الوجود رب سواه, هو وحده مناط القوة والهيبة والرهبة عندهم, لا كائن من كان من مخلوقاته صغر أو كبر بعدته وعتاده يخافونه أو يرهبونه, فلا من رجز حروف الأنشودة وكتب أبياتها, ولا الحناجر التي أنشدتها وغنتها واصطفت على إثرها ما كان يساورهم شك في أنه لا رب في الكون سواه يستحق الخوف منه أو أن تطأطأ له هامة, فهذه الأنشودة المحببة عند المجاهدين كانت أصدق من الخيال أن يستوعبها, وبها وببركاتها أوقف المجاهدون زحف الطغاة المعتدين على حرمات الوطن ومساجده ومصاحفه التي دنسوها ومزقوها وحرقوها, منهم يفضلها ونعم من الله أخرى حرسوا حدود الوطن الحبيب, كانت تمثل لهم قمة المعنويات التي تعانق عنان السماء تظلل سيرهم وملائكة من السماء, تصوب رميهم وتنتقل معهم من نصر إلى نصر حتى عالجوا التمرد بطعنة مميته فجاءتهم نيفاشا فلوت عنق البعير واستدارت وجهته للخسران المبين, وأسكتنا تلك الأصوات الصادقة مع ربها وأوقفت زحفهم المقدس الذي تراصوا من أجله فوق الثرى شهيد يمضي تلو الشهيد حتى رووا الأرض بدم سخين ذو طعم ولون ورائحة عبقها المسك الفواح الذي كان يلهب حماس المجاهدين فيتسابقون لنيْل الشهادة والظفر بها فداءً للعقيدة والدين والوطن وشعب كريم. فما أن أسكتت نيفاشا تلك الأصوات ونكست رايات الجهاد،حتى تفنن الأمريكان في عذاب الشعب السوداني الصابر المحتسب, فكالوا له الاتهامات وهو براء منها فهم الذين رتبوا لها المسارح وهم الذين كتبوا سيناريوهات مسرحياتها وجاءوا بشخوص وأبطالها ليلعبوا على خشبة المسرح أخبث الأدوار ليلوثوا سمعة أهل هذا البلد العملاق.
فلتمضي الدبلوماسية الرسمية أخي وزير الخارجية في مساراتها الخمس باتقان وحذر شديدين ولتعلم أن المطلوبات الرئيسة الخمسة التي أوفى بها السودان لم تكن في يوم من الأيام سبباً في الحصار الأمريكي الأممي الجائر على الشعب السوداني الذي ملء شوارع العواصم السودانية هادراً كالموج الهائج المائج يعلي للحق رايات ويدك للباطن حصون, فقد كان كتاب الله راية الغُبش المرفوعة, وتطبيق سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدف المنشود حكماً وتشريعاً وحياة (فقول الله وقول الرسول) كان هو سبب الحصار الأمريكي الأممي الجائر يا وزير الخارجية وما عداه من مطالب المسارات الخمس ذر الرماد على العيون وإذلال وتركيع. فلا أمان للأمريكان وحلفائهم صالحوا شعب السودان أو حاصروه أو قاتلوه، فالسودان في قائمة توزيعهم السياسي للمنطقة مكتوب عليه مقطع الأوصال إلى دويلات كما يريدون.. فهيهات.. هيهات.
“فالله متم نوره ولو كره الكافرون” وبشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل السودان قائمة, فصبر جميل يا أهل السودان فمشيئة الله وقدرته نافذة رضي الأمريكان أم لم يرضوا.
لقد مكر الأمريكان على الشعب السوداني وأخذوا كل ما يريدون منه في مساراتهم التفاوضية الخمسة باعتراف الحكومة ومفاوضيها, وأن الحكومة أعطت وما استبقت شيئاً تعطيه للأمريكان من جديد, على نسق حوالي ما غنته سيدة الغناء العربي أم كلثوم, أعطني حريتي أطلق يدي فقد أعطيت ما استبقيت شيئاً. قال تعالى: “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” الأنفال الآية (30). هكذا أخبر رب العزة حبيبه المصطفى بما اتمر به كفار قريش ضده محاصرةً أو تقيداً أو تقتيلاً أو تشريداً, وهكذا يأتمر الأمريكان بأهل السودان حروب وتقتيل زرع الفتن وإزكاء الضغائن وحصار ظنوا أنه مميت, وإخراج وتشريد, فهجَّروا العقول والمبدعين (ولوتروا) الشباب المتطلعين الطامحين ومرادهم ومبتغاهم الأخير أن يسحلوا هذا الشعب الابيه ويخرجوه من أرضه أم الحضارات ليكون طريداً شريداً متفرقاً دمه بين أقطار العوالم الأخرى ذليلاً حقيراً كما فعلوا بالشعوب المستضعفين.. فهيهات.. هيهات.
لقد أظهر الأمريكان للمفاوضين السودانيين أطيب الأقوال ونثروا لهم الوعود الكاذبة بأن يوم 12/7/ 2017م سيكون يوم الميعاد ويوم الخلاص ويوم فك الحصار, ملؤهم أملاً حتى خاضوا بآمالهم وأحلامهم على شعب السودان فتعلقت همم السواد الأعظم منهم بما ستجود به أمريكا من قرار مستحق بفك الحصار الأممي الجائر فيتحقق الانفراج الاقتصادي والتجاري وتحل عليه سعة الرزق وتفتح البركات الأمريكية على أهل السودان فينقشع ضنك العيش وينقلب عسر الحياة إلى يسر ورخاء ورفاء بعد الرضا الأمريكي, فقد نجح الأمريكان بإحاءاتهم. بإحداث شرخ عميق في عقائد بسطاء أهل السودان وانفراج أزمتهم الاقتصادية وسعة رزقهم وعودة جنيهم لسابق عهده أمام الدولار الأمريكي لفك الحصار الأمريكي الأممي الجائر. فالحمد لله لم يكن نكوص ترامب وحكومته عند مواثيقهم وعقودهم ووعودهم التي قطعوها بفك الحصار شر محض، بل كان فيه خيراً كثيراً, فهذا الارتداد وهذا المسلك (الترامبي) المشين أدى إلى انهيار ثقة المواطن السودان من مصداقية ترام وحكومة الأمريكان وأجهزتها الاستخباراتية والأمنية والبرلمانية أية مؤسسات ل
لتشريع والرفادة التنفيذية في الولايات المتحدة الأمريكية, الآن أصبحوا بفضل الله عند المواطن السودان (كذابين, كضابين), وهذه مرحلة كانت في غاية من الأهمية أدت إلى تصحيح جوهري في الاعتقاد الديني الفردي والحكومي فبنقض الأمريكان للعهود والمواثيق وقعت البراءة مرة أخرى بين سواد الشعب السوداني وحكومة الأمريكان ورئيسها وأجهزتها التشريعية والتنفيذية, قال تعالى: “براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين” التوبة (1). فانهيار الثقة بعد هذا النكوص هو عين تلك البراءة الربانية وحان أوان إظهارها من الكفار والمنافقين والمشركين الذين ينقضون العهد والمواثيق, وأعلموا أيها الأمريكان فإن توليتم ونكصتم عهدكم مع شعب السودان فإنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين, فالخزي حالٌ بكم لا محالة, قال تعالى: “وأعلموا أنكم غير معجزي الله وإن الله مخزي الكافرين” التوبة (2). فبكل صولجانكم وصواريخكم وبوارجكم وغواصاتكم ومارنزكم وعملائكم جميعاً تحت قبضته وتحت قهره ومشيئته, قال تعالى: “والله لا يهدي كيد الخائنين” يوسف (22). بعد هذه البراءة فمن يتولى الأمريكان من الذين علقوا آمالهم وهمهم بالنعيم والرفاء الأمريكي فإنه حتماً من هؤلاء الطغاة الظالمين قاهري الشعوب المستضعفين قال تعالى: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة (51). فيا أيها الشعب السوداني الأبي فإن يريد الأمريكان خيانتك مرة أخرى في التمديد الجديد الذي ضربوه فقد خانوا الله من قبل كثيراً بأفعالهم وأقوالهم ومواقفهم إلى أن يأتي اليوم الذي يريده رب العزة فيمكن منهم فهو العليم بمكرهم وهو العليم بحال أهل السودان الذي وصلوا إليه من هذا الحصار الأمريكي الأممي الجائر قال تعالى: “وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم” الأنفال (71).
فليستأنس أهل السودان ببشرى المولى عزَّ وجلَّ للمؤمنين من أهل مكة المكرمة بعد أن حرَّمها على المشركين النجس, وهم الذين كان يعمرون أسواق مكة بتجارتهم ومغتنياتهم النفيسة وكان ينعشون أسواق مكة, وأهل مكة يبيعونهم ويشترون ويعصرون خيراً كثيراً من تجارتهم, فما أن سمعوا قوله تعالى: “إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا”. حتى دخلهم الخوف من كساد تجارتهم وما سيحو بهم من فقر فبشرهم ربهم بقوله تعالى: “وإن خفتم عَيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء الله إن الله عليم حكيم” التوبة (28). فقد علّق كثير من أهل السودان واقتصادييهم وساستهم ودبلوماسييهم أملا عراض في فك الحصار الأمريكي الأممي الجائر ومنَّوا قومهم بقرب بسطة الرزق وسعته وتحول العسر وضنك العيش إلى يسر وبحبوحة وفاه. نعم لقد شق الحصار الأمريكي على أهل السودان كما شق على مؤمني مكة المكرمة فأبدلهم الله بعد خوفهم أمناً وطمأنينة بنزول الأمطار وفاض عليهم الخير العميم بعد أن ارتفعت رجاءاتهم وهمهم إلى المولى عزَّ وجل, فهذا هو المخرج لأهل السودان وحكومته, توبة وأوبة صادقة لله والتطلع لما في خزائنه فهو الرزاق ذو القوة المتين وهو الواسع العليم بكل أحوالنا فإن مضى الأمريكان في حصارهم تمديداً بعد تمديد فلا ضير, فإنا إلى ربنا راغبون, فالتفعل أمركا ما هي قاض فإنا آمناً بربنا وتبنا إليه وإنا إليه راغبون.لقد نزلت علينا غضبة رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير الفورية بتجميد نشاط لجنة التفاوض السوداني الأمريكي برداً وسلاماً وسكناً وشفاء لما في الصدور, آمل أن تكون غضبة في الله عزَّ وجل يؤجر عليها إن شاء الله, وهي غضبة لا تحتاج منكم أيها الساسة والدبلوماسيين لتبريرات فقد فهم الشعب السوداني فهما الصحيح في وقتها الصحيح فهي ليست ذات علاقة بنصوص قرارات تمديد العقوبات الأمريكية. يا أيها الرئيس إن لك شعباً لا يرضى الضيم ولا الهوان والحُقرة والاستفزاز فقد خبرت أفراده المجاهدين في كل متحرك وهجعة, فأمضي بنا إلى درب العزة والفخار وعد بهذه البلاد إلى شريعة الله سراطاً مستقيماً بلا عوج ولا أمتا ولا (دغمسة).. فإن عدتم أيها الأمريكان فإنا عائدون.
د. محمد الفاتح جمعة – الانتباهة