(تمبول).. تحالف الأوساخ مع المسؤولين..!
* بات في حكم المؤكد أن اعتماد المواطنين على أنفسهم؛ هو أحد الحلول الناجعة لمواجهة تفشي الكوليرا في السودان.. لا سبيل لدحر المرض أفضل من الجهد الشعبي رغم شح الإمكانات.. هذا ما تنتظره محليات الحكومة المختلفة وهي تأبى أن تؤدي واجبها في إصلاح البيئة؛ بجانب تخلفها الصحي الذي أحال الكوليرا إلى شبح مفزع بخروجها عن سيطرة (أكشاك الصحة)! مع أنه مرض يسهل تلافيه إذا عرفت السلطات ما هو الواجب..!
* وفي مدينة تمبول التي شهدت سقوط العشرات بالكوليرا خلال هذا الأسبوع؛ أدى المواطنون واجبهم بالاستنفار لمواجهة المصيبة التي بدأت تغزو ديارهم.. فنتيجة لغياب المسؤولين وجد الوباء ضالته بغرق المدينة في أطنان النفايات؛ والمياه الآسنة؛ والجو المشبع بروائح الموت والكآبة.. هذه النفايات المنتشرة لحد (المبالغة) عميت عنها أعين الوحدة الإدارية فلم تحملها إلى خارج المدينة؛ بل كانت الوحدة تنتظر انتشار الكوليرا لتبدأ في الإهتمام بالنفايات.. فأمس وبعد نوم طويل شعرت الإدارية ببعض الخجل إثر تدافع الجهد الشعبي لنظافة سوق تمبول؛ فوفرت للمواطنين عربات لنقل النفايات ولكن (من غير عُمّال)! وتستمر حملات النظافة لأسبوع بحماس الأهالي، فلو اعتمدوا على سلاحف المحلية التي تعودت على الأخذ سيدفعون المزيد من الثمن..!
* تمبول نموذج لتحالف المسؤولين مع الأوساخ؛ وتحالف المواطنين مع الإرادة.. والأخيرة ستهزم المرض.
تذكرة:
في كهفِ الرُّعب مع الأشلاءْ
في صمت الأبدِ القاسي حيث الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقداً يتدفقُ موتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطرباً مجنونا
لا يسمعُ صوت الباكينا
في كل فؤادٍ غليَان
في الكوخِ الساكنِ أحزان
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظلمات
في كلِّ مكانٍ يبكي صوت
هذا ما قد مَزّقهُ الموت..!
* المقطع من قصيدة (كوليرا) للشاعرة نازك الملائكة.. نتذكره بمناسبة (تمزيقنا) ببراثن السلطان؛ وهو يقودنا من حتف إلى آخر.. فمن لم يمت بالكوليرا مات بغيرها..!
خروج:
* لم يصبهم ما كتب الله لهم إلّا بمسببات الإهمال وتردي الخدمات الصحية أو انعدامها.. أعني معظم الذين فتكت بهم الكوليرا في السودان (بإرادة حكومية) طابعها الغفلان..!
* نفس هذا العقل الحكومي النهَّاب؛ الخامل تجاه الأوبئة ومخاطرها؛ نجده (صاحي ومنتبه) لأخذ نصيبه من المواطن نقداً: جبايات؛ ضرائب؛ رسوم؛ دمغات.. رغم قلة المال وعسر الحال واتساع دائرة البطالة..! مع كل هذه الكروب السلطوية توفر المحليات حواضن للأمراض؛ ولا تخرج الثعابين المستوطنة بداخلها إلّا للأذى..!
أعوذ بالله
أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة