تحقيقات وتقارير

الرزيقات والمعاليا.. صراع تحسمه الرئاسة

حصدت المواجهات الدموية العنيفة التي دارت رحاها بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا بولاية شرق دارفور منذ العام 1966، الآلاف من الضحايا من الطرفين بسبب النزاع التقليدي حول ملكية الأرض المعروفة محلياً بـ(الحاكورة)، فشلت على إثرها العديد من مؤتمرات الصلح في إيجاد تسوية ترضي الطرفين ولم تفلح عدة جهود بذلتها الحكومة الولائية والاتحادية في الوصول إلى صلح قبلي يفضي إلى حل جذري لإنهاء الأزمة بين الطرفين، كان آخرها مؤتمر(مروي) الذي عقد في العام 2015 للصلح بين القبيلتين، ورغم مضي حكومة شرق دارفور إلى نشر قوات عسكرية قوامها (4) آلاف جندي في أنحاء متفرقة من الولاية لاحتواء الموقف ومنع الاحتكاكات بين الجانبين، إلا أن فتيل الأزمة اشتعل مجدداً بين عناصر من القبيلتين في مطلع الأسبوع الماضي بمنطقة (دونكي أم عرق) بمحلية شعيرية بسبب سرقة مواشي أسفر عن العشرات من القتلى ما جعل حكومة الولاية تلجأ إلى اعتقال ناظري القبيلتين محمود موسى مادبو ومحمد أحمد الصافي، بجانب (32) من عمد القبيلتين، قبل أن تطلق سراح الناظرين لاحقاً وترحيل (20) عمدة من قبيلة الرزيقات و(12) من المعاليا إلى معتقلات بالخرطوم، بناء على توجيهات رئاسية لاتهامهم بلعب أدوار سلبية في النزاع القبلي. *العلاج بالكي العمدة محمود خالد (أحد عمد الرزيقات) يرى أن إشعال فتيل الأزمة في صراع الرزيقات والمعاليا قام به متفلتون من القبيلتين نتيجة أغراض سياسية خاصة بهم، مطالباً الدولة ببسط هيبتها وسيطرتها على أرض الواقع، وإشهارها (للعين الحمراء) لمنع الاحتكاكات بين الجانبين لأجل إيقاف نزيف الدم وإخماد نيران الصراع بين أبناء العمومة، مبيناً أن الطريق لإنهاء الصراع بين القبيلتين يجب أن يتم عن طريق العلاج (بالكي) ومضى بفذلكة تاريخية عن القبيلتين خلص عبرها إلى أن جذوة الصراع بينهما نشبت في العام 1966، لافتاً إلى أن القبيلتين تمكنتا بعد مضي ستة أعوام من عقد صلح عرف بصلح نيالا من خلال وفد ضم من كل جانب خمسة مفاوضين، وجزم بحديثه لـ(آخر لحظة) أن غياب الدولة المركزية عن ملف القضية ساعد في تفاغم الأزمة بين القبيلتين حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. *حلول (مسكنة) وبدوره يرى رئيس الهيئة الشبابية لأبناء (المعاليا) أزرق حسن حميدة أن تجدد الأزمة بين القبيلتين يعود إلى أنصاف الحلول التي يتم طرحها لحل الأزمة من قبل الحكومة، مبيناً أن الحلول والمعالجات التي تمت في الفترة الماضية بين الجانبين غلب عليها الطابع الأمني أكثر من المصالحات، مشيراً إلى أن المعالجات الأمنية جلبت الصراعات بدلاً عن إخماد الأزمة، وطالب أزرق الدولة بإنفاذ مبدأ القانون على الجميعى وتقديم كل المتورطين في الأحداث من أبناء القبيلتين إلى المحاكمات بعيداً عن غطاء عباءة القبيلة، معتبراً أن الحلول التي تمت بشأن الأحداث كانت حلول (مسكنة) وليست جذرية. *إنفاذ حكم القانون ويرى الخبير القانوني وجدي صالح أن إنفاذ حكم القانون ضرورة للحفاظ على وحدة البلاد وتماسكها، وأردف يجب أن يسود ذلك على الحاكم والمحكوم دون تمييز ديني أو قبلي، داعياً إلى تكوين لجنة قانونية مستقلة وفقاً لقانون لجان التحقيق لسنة 1954 بشأن البت في أحداث المعاليا والرزيقات الأخيرة لأجل الوصول إلى الحقائق والأسباب ومحاسبة المتسببين تفادياً لحدوث مثل هذه الاحتكاكات في مناطق أخرى. *إطفاء الحرائق وألمح المحلل السياسي مدير مركز دراسات السلام لفض النزاعات بجامعة أم درمان الإسلامية د.راشد التيجاني إلى أن المعالجات التي تمت للقضية كانت عرضية بما يشبه عملية إطفاء الحرائق، مشيراً إلى أنها لم تتطرق إلى جذور الأزمة مما يؤدي إلى نشوبها مجدداً، مطالباً الجهات المعنية بالحل عبر السلام الاجتماعي والمصالحات الأهلية بين إدارات القبيلتين، معتبراً أن الحلول السطحية التي تمت للقضية لم تتطرق إلى الجرح الغائر المتسبب في إذكاء نيران الصراع، لافتاً إلى أن غياب الإدارات الأهلية عن المشهد أثر بصورة كبيرة في تأجيج الصراع، وطالب راشد ببسط هيبة الدولة وعقد المصالحات الأهلية دون أن تتقاطع مع المصالحات القانونية.

تقرير:أيمن المدو
اخر لحظة

تعليق واحد

  1. بسط هيبة الدولة أمر لا يرفضه عاقل لكن بسط هيبة الدولة لن يتحقق بإعتقال رموز القبيلتين فبدون تعاون الادارة الاهلية سيبقي كل اجراء هشا وسينهار متي ما سنحت الفرصة ..فلنبدأ بمؤتمر مروي فهو جهد جماعي لمعالجة الصراع القديم المتجدد ويجب ان يوقع عليه المعاليا من منطلق قناعة بأهمية الصلح الحقيقي بين القبيلتين وليس بتهديدات الوالي وإعتماده علي خطط أمنية معزولة عن المجتمع يديرها من مقر تواجده الذي تحرسه الاسلحه وافراد أمنه معزولا من القاعدة الشعبية لأبناء الولاية إلا من البعض والذين يحاول من خلالهم إختراق وتفتيت النسيج الاجتماعي لهذه الكيانات وبسبب العقلية الامنية للوالي فشل الصلح الحقيقي لذا توالت الصدامات طوال فترة توليه أمر الولاية ..الصلح يبدأ بدورات الزامية يلتقي خلالها قادة الادارة الاهلية من كل القبائل بالاقليم تقدم خلالها برامج تثقيفية واوراق عمل ليكون الصلح نابعا من قناعات قادة هذه القبائل و تنشأ آلية صارمة لحسم التفلت تضم ممثلين لكل القبائل ولها قوة ضاربة لحسم التفلت تكون بديلا للفزع الذي يشكل استفزازا يقود للصراع وهذه الالية تطارد لصوص المواشي وتحسم مسارات الرعي و أماكن الزراعة وموارد المياه ..سيكون الصلح ممكنا لكن الامر يتطلب عزل الوالي الحالي لشرق دارفور لأنه وراء كل الفشل وكل الصراعات لعزلته عن جماهير الولاية وإعتماده علي مبدأ فرق تسد في ايجاد صراعات داخل كل قبيلة بغرض إختراق وحدة كل قبيلة من خلال استقطابه لبعض ابناء هذه القبائل بإغراءات تجنيدهم ومنحهم بعض السلطات والمكاسب ..إضعاف هذه القبائل وتفتتيتها سيجعل من مساراتها حتي شرق بحر الغزال ممرا سالكا للحركات المتمردة وللجيش الشعبي للعبور وتوجيه ضربات للعمق السوداني وبدلا من أن يجد من يتصدي له ربما وجد هذه المرة حليفا يريد طريقا آمنا لمواشيه الي مصايفها جنوب بحر العرب وحينها فقط ستعلم الحكومة في الخرطوم كم كلفها هذا الوالي ..