السودان وطن أفقرته السياسات البليدة
قبل أيام قليلة فاجأ عراب سياسة التحرير الاقتصادي في السودان ووزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي الناس بتوقعات أن يصل سعر الدولار إلى (50) جنيهاً حال سارت الأوضاع الاقتصادية على النحو المُتًبع، وأثارت تصريحاته ردود أفعال هائلة، لكنها بالضرورة لم تكن تلك نظرة متشائمة لرجل غادر مركز صناعة القرار مغاضباً وبقى في الجوار يراقب ويتحدث بجرأة، وهنا تحديداً في المسرح السوداني الذي يمور بالعجائب لا تحتاج إلى عيني زرقاء اليمامة لتصل إلى ما وصل إليه حمدي، فكل شئ ينحدر نحو الأسوأ.. ترتفع الأسعار وحظوظ الساسة وتنخفض أقدار العامة من الناس !!
جورج قرداحي
قبل أن نجيب على سؤال المليون دولار – بتعبير جورج قرداحي- وهو لماذا تحول السودان من دولة غنية إلى فقيرة؟ أو – على الأقل- دولة كانت مرشحة لتكون سلة غذاء العالم من خلال الأنهار والأمطار والأراضي الخصبة، إلى دولة تستورد كل شئ، حتى وصلت فاتورة الغذاء الذي يأتي من الخارج إلى أكثر ملياري دولار تقريباً، وبلغ العجز السنوي نحو (5) مليارات دولار، وتوقفت مئات المصانع، وهاجر إلى الخارج ما يقارب الـ(5) ملايين سوداني، معظمهم من الشباب الذين هربوا بأحلامهم المجهضة تحت وطأة الظروف القاهرة، والعُسر المستمر وارتفاع السلع الضرورية بجانب تآكل قيمة العملة الوطنية .
دعونا نتساءل بصراحة ونجيب بصراحة شديدة : من الذي أوصل السودان لهذه المرحلة الحرجة؟ وكيف فشلت العقلية المتنفذة في استثمار تدفق عائدات البترول بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في 2005 بما يعود أثره على المدى الطويل؟ وذلك من خلال الصرف على المشروعات المُفيدة، ودعم مدخلات الزراعة وجذب الاستثمارات الخارجية وتطوير القطاع الإنتاجي؟ والتعويل على اقتصاد حديث تلعب فيه قيمة الأسهم والمشتقات والمنتوجات الهندسية المالية دوراً أهم؟ لماذا اقتصر الصرف فقط على العمل السياسي وثراء مؤسسات الدولة والتمكين لبعض الشخصيات المحسوبة على النظام وشراء صمت معظم أحزاب المعارضة وارتفاع المباني الشاهقة بلا معنى؟ أية عقلية كانت تدير تلك الأوضاع؟ وهل يعني هذا أن الأزمة في العقول؟
انهيار
يبدو أن الأزمة تكمن في العقل السياسي لدى الحزب الحاكم، وكل النخب السياسية المتحالفة معه، فالأزمة – بطبيعة الحال- لن تتلاشى بين يوم وليلة ، ولذلك صلة مباشرة بالمستفيدين من مجمل الأوضاع الكارثية، في الداخل والخارج .. بجانب أن كل الخيارات المجربة بلا فعالية، الخصخصة، والذهاب إلى الصين وروسيا كيدا في أمريكا، والاستدانة من الصناديق الدولية، والتحالف مع السعودية والإمارات! وقد فشلت أيضاَ آخر وصفات صندوق النقد الدولي بتعوييم الجنيه السوداني، ورفع الدعم عن كل شيء، وترك المواطن نهباً لسياسات تجريبية، نتج عنها حالة من الانهيار يصعب وضع وصف لها، غير كلمة (انهيار) .
وبجانب مليارات الدولارات التي جنبتها البلاد من البترول ولم تستفيد منها، فقد ذكرت وزارة التعاون الدولي أن السودان تلقي (16) مليار دولار لم توظف بصورة صحيحة، وتم ذلك خلال عشر سنوات منذ العام 2005- 2015م ، ضمن العون الاجنبي للبلاد .. ومع ذلك لم يتم تشكيل لجان تحقيق لمعرفة أين ذهبت تلك الأموال؟ وكيف صُرفت؟ لأن الفساد لا يعني اعتداء ماليا صغيرا يورده المراجع العام بصورة روتينية، ولا أن يسرق لص صرافا آليًا على قارعة الطريق! الخطورة تتمثل في التصالح مع الحال المائل، وترك الأخطاء والكوارث تنمو، وأن يوسد الأمر لغير أهله .
الحكومة الآن مهمومة بتحقيق وفرة في السلع من خلال الوارد، وتحديداً القمح والمواد البترولية، حتى لا ينتج عن ذلك شح يثير عليها غضب الشارع، وهى بذلك تستورد أكثر مما تصدر، وتستهلك أكثر مما تنتج، وتتضخم فاتورة الصرف الحكومي بصورة هائلة، من خلال المناصب التي تمنح عبر سياسة الترضيات، للمتمردين والأحزاب المتناسلة من بعضها طمعاً في السُلطة .
لا تريد
الراجح وتلك ليست مجازفة بالظن، أن الحكومة السودانية لا تريد أن تتخذ قرارات جريئة، ولا تريد أن تعترف بالأزمة، فيخرج الرئيس البشير، أو حتى رئيس الوزراء الفريق بكري حسن صالح ويعترف بالفشل في إدارة الدولة، كما فعل الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري .. نميري عندما أحس بفداحة الأزمة تلا بيانه الشهير بمنتهى الصراحة قائلاً: “سبب زيادة الأسعار هو انخفاض سعر الجنيه السوداني أمام الدولار، و لأنني رفعت الدعم عن جميع السلع فالدولار أصبح الآن يدوخ جميع العملات وقد يأتي وقت تمتلئ فيه جيوبكم بالجنيهات وتكونوا غير قادرين على شراء شيء.. علينا أن نقتصد في كل شيء، من يأكل ثلاثة و جبات يأكل وجبتين، و من يأكل وجبتين يأكل واحدة، و من يأكل وجبة واحدة يأكل نصف وجبة.. لماذا نشتري المعلبات الغذائية و الصلصة؟!” نحن يا جماعة نأكل “الويكة” (مُنتج سوداني ) لأن خروج مسؤول سوداني والتحدث بتلك الصراحة فيه خطورة أمنية على النظام الحاكم كما يعتقدون.
وهنا لا مفر من القول إن من يتحكمون في شئون البلاد يهتمون فقط بمصائرهم ومصالحهم الشخصية على حساب المواطن المطحون، وإنهم لا يدركون ما هو متطلب وضروري لجعل البلاد تنهض وتتقدم، ولذلك يتبعون سياسات وتوجهات خاطئة عوضاً عن عدم فهم طبيعة المشكلات الاقتصادية للدولة، والتخلص من الحمولات الضارة، بما يمكن روح التنافس الخلاق، وضبط الإنفاق العام، ومحاربة الفساد عبر تقوية المؤسسات العدلية، ودعم الإنتاج، وبالتالي فإن الأزمة سياسية محضة، ومن المعروف أن الدولة تنجو فقط من شبح الفقر وتزدهر عندما تمتلك مؤسسات اقتصادية فاعلة ويكون لديها نظام سياسي تعددي، واستعداد لتقبل قوى تنافسية جديدة، ومعارضة تؤدي دورها على النحو المطلوب.
إنها الفرصة الأخيرة تلوح أمام الحكومة السودانية لاجتراح حلول ناجعة والاعتراف بحقيقة الأزمة، وإنها ليست في الحصار الأمريكي وانفصال الجنوب بموارده البترولية فقط، أو في طبيعة الشخصية السودانية ، الأزمة باختصار تكمن في السياسات البليدة، والتي بسببها يمكن تسوء الأحوال أكثر، ولربما ترتطم الدولة بقعر الجحيم .
بقلم: عزمي عبد الرازق
كاتب وصحفي سوداني، رئيس القسم السياسي بفضائية أم درمان
نقلاً عن موقع الجزيرة
استاذ عزمي الناس ديل فاشلين لكن مستحيل يعترفو بالفشل والكلام القالو نميري بيجيب لهم الهواء . بس كدي كدي الهواء جايهم جايهيم والمسالة مسالة وقت بس لاغير
كل المشاريع الموجودة المتعطلة قائمة على أساس ربوي حتى آخر المشاريع ويجيك عالم سلطان يقول ليك فقه الضرورة لك الله يا شعبي المكلوم والربا
توعده الله بالتلف قال تعالى في محكم تنزيله (ويمحق الله الربا ) وتبقى الديون على عاتقنا
والأمر من ذلك أضف إلى كمية الحثالة والعطالة من عندنا جاءنا حزب جديد الا وهو حزب الصوفية
(فعلا بلد العجائب )ولم يبلغ الشهران من عمره حتى وضع بصمته في القرارات التعليميه وألقى من منهجنا الأساسي التوحيدي بإلغائه كل ما يتعلق بالدجل والشعوذة والتبرك بالأضرحة بإعتباره يمس عقيدة المتصوفة
لا حول ولا قوة إلا بالله
كل التخبطات في القرارات سواء كانت إقتصادية أوغيرها صبر عليها الشعب ورضى بها يا عديمي الرؤية أما أن تتخبطوا في أمر الدين فهذا لا يرضاه العاقل البته
فلترحل حكومة المتصوفة لا أسفا عليها