بعنوان كفن من طرف السوق وشبر في المقابر
بسم الله الحي الدائم.. بسم الله الحق.. وسبحانه من تأزّر بالعظمة.. والكبرياء.. وسبحانه من تفرّد بالوحدانية.. وسبحانه من احتجب بالنور.. وسبحانه من قهر العباد بالموت.. هو المعبود لا معبود غيره.. الرحمن والغفور الرحيم.. لا إله إلا هو.. ثم صلاة وسلام أتمّان وأكملان على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله، النبي الأمي الأمين المبعوث رحمة للعاملين كااااافة.. وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبع دربهم وسلك طريقهم بإحسان إلى يوم الدين..
ثم أما بعد:
طفلنا حدّق في الموت ملياً ومراراً
ألِف الأحزان تأتينا صغاراً وكبارا
ومرى الدمع غزيراً .. ورعى النوم غرارا
ورأى والده يخطر للموت ونعشاً يتوارى
لن يراه مرة ثانية قط إلى يوم الحساب..
ذاكراً عنه حناناً وحديثاً وابتسامات عذاب
كشموس لا ينى يأمل أن تشرق من باب لباب
كل يوم ولنا في البيت مأتم
وصغير ذبحت ضحكته يوم تيتم..
كلما مرّت بنا داهية تسأل عيناه عن الشر المغير
ويرى من حوله أمراً مريباً وغريباً
ورهيباً فيثور
أمه من جلد تدعوه أن يسكت لكن صوتها فيه اضطراب
واكتئاب
وهو يدري فعيون الأم للابن كتاب..
صلاح أحمد إبراهيم
ومن بعد.. ثم أما بعد..
ها هي فاطمة.. بالأمس قد غابت.. لكنه غياب كذاك الغياب الذي تغيبه الشمس كل يوم.. فهذه السمراء الباذخة البارعة، قد حفرت اسمها في تاريخ الأمة السودانية والعربية، بما لا تستطيع كل )بشاورات( العالم أو كل أدوات الأنظمة أن تمحوه، إذ كانت أول سيدة تخطو بنفسها وبآمال وأشواق أخواتها بنات حواء السودان، في خطوات واثقة تمشي بها كما يمشي الكبار، وفي زمان كان فيه الكبار يملأون الساحات والمنابر.. بالكلام القوي العفيف وبالمواقف التي تهتز لها أركان الكون قاطبة.
ستة وأربعون عاماً قضتها تلك السيدة العظيمة وفية لمبادئها ومواقفها، حفية بفلذة كبدها أحمد، أعظم إرث تركه لها، ولنا، ذلك الشهيد العظيم الشفيع.. وقفت كما النخلة.. وشمخت كما الجبل.
اتفق الناس واختلفوا فإن الموت واحد.. والفقد فقد بلد برمتها.. )إنا لله وإنا إليه راجعون(.
همس الضفاف
صلاح ادريس