خريف استقالات غزير.. (وطني كسلا).. هل يبتلعه القاش؟!
منذ إعلان والي كسلا، آدم جماع لحكومته الجديدة قبل أسبوعين، والساحة السياسية بالولاية الخضراء، مشغولة ومنشغلة بخلافات عالية الوتيرة، حيث سرت احتجاجات بدأت مكتومة ثم ما لبثت أن تحولت إلى الجهر بالقول، ولا يخفى على بال مراقب للأحداث بالولاية أن أسباب الاحتجاج لا تتجاوز محطة السخط على وجوه أعضاء حكومة الولاية المعلن عنهم.
وذهب البعض للقول بأن المحاصصة لم تجرِ كما اتفق عليه، ومهما يكن فمحصلة تلك التوترات أن دفع “724” عضواً بالمؤتمر الوطني بكسلا من كتلة المحليات الشمالية باستقالاتهم من الحزب الحاكم، وسبقهم في ذلك القيادي المؤثر وناظر الهدندوة سيد محمد الأمين ترك، فيا ترى ما هي أسباب تلك الاستقالات، بل ما الذي يحدث في صفوف الوطني بكسلا؟!
تصاعد الأحداث
الحقيقة التي لا مناص من الجهر بها الآن، تشير إلى أن الأحداث في صفوف حزب الوطني بكسلا تصاعدت بالفعل، وما كان يقال قبل أيام قليلة عن تلويحات بالاستقالة أو تجميد النشاط بالحزب بات واقعاً، وإن كان المؤكد يحتاج لتأكيد، فالواجب الوصول لأحد المستقيلين ليفصّل أسباب الاستقالة ودواعيها.
وهنا يقول نائب رئيس الوطني بالقاش، الناظر باكاش أحمد باكاش، إن استقالاتهم لها ما يسندها، معدداً الكثير مما يعتبره لا يسر، وقال لـ”الصيحة” إنهم سلكوا الدروب التنظيمية لبث تحفظاتهم حول كثير مما يجري بالحزب، ولكنهم بحسب ما يقول، لم يحصدوا سوى التجاهل، لافتاً إلى أنهم سبق وتقدموا بمذكرة للمكتب القيادي حوت بعض تحفظاتهم، ولكن بلا جدوى، قاطعًا بأن ما يجري هناك يستوجب التدارك والإصلاح بالإضافة لوجوب الاستماع لمطالب القيادات ذات الثقل بالحزب، وترك الباب موارباً حول تفاهم وشيك مع قيادة الحزب في الوقت الحالي، وقال إنهم قاموا بما يمليه عليهم دورهم من تصويب ومطالبات إصلاحية بخصوص قضايا الحزب بالولاية.
بداية المشكلة
القضية الأساسية التي دفع بموجبها الأعضاء باستقالاتهم – بحسب مصادر مطلعة- تتعلق برفضهم منهج والي كسلا في إدارة دفة الحكم، علاوة على إحساسهم بأنه قد تجاوزهم في تشكيل حكومته الحالية قبل أسبوعين، إذ حالما تم إعلان التشكيل الجديد لحكومة كسلا، أعلن القيادي البارز بالحزب الحاكم بالولاية سيد محمد الأمين ترك تقديم استقالته من المكتب القيادي ومن منصب نائب رئيس هيئة الشورى بالحزب، مغلقاً الباب أمام رجوعه عن القرار، وقال إن قرار استقالته نهائي ولا رجعة فيه وأنه سيظل عضواً بالحزب فقط.
واتهم ترك في تصريحات لـ “الصيحة” حينها قيادات لم يسمها بوطني كسلا بعدم الأمانة تجاه القرارات الصادرة من المكتب القيادي فيما يخص المحليات الشمالية بولاية كسلا، مشيرا إلى أن اجتماع المكتب القيادي لاختيار حكومة الولاية أوصى بتسمية وزير ومعتمد من أبناء المحليات الشمالية، ولكن لم يتم اختيارهم بالرغم من التأكيد على تسميتهم في الحكومة الجديدة، وقال: (عقدنا اجتماعاً بمنطقة هداليا لقيادات الحزب وأعلنت فيه تقديم استقالتي من المناصب المكلف بها) مضيفاً (لا يمكن الاستمرار في تلك المناصب في ظل تمرير القرارات مع حرمان المحليات الشمالية من التمثيل بمجلس وزراء حكومة كسلا)، مبيناً أن تلك المحليات غابت عن التمثيل منذ استقالة الوزير السابق محمد موسى طاهر، معتبراً أن القضية “قضية حقوق خاصة بالمحليات الشمالية”، وطالب بمراجعة القرارات الصادرة من المكتب القيادي مؤكداً أن المعتمدين الذين تم اختيارهم لا غبار عليهم، مبيناً بأن ترشيحات الجهات الأخرى لممثليهم في مجلس الوزراء وجدت القبول عدا قيادات المحليات الشمالية.
وفي إطار تنمية المنطق الشمالية، قال إن اجتماع هداليا خرج بتوصيات بقيام أبناء المنطقة بتقديم الدعم والمساعدة في مجال الصحة والتعليم عبر صناديق تساهم في تنمية المنطقة.
ما يمكن استنباطه من محصلة ما جرى ويجري بكسلا، بحسب ما يشير مراقبون بالولاية أن الاصطفاف المناطقي ما يزال له أثره بالولاية الشرقية، وتقف قصة الاستقالات الأخيرة كأحد الأسباب البارزة بروز جبال التاكا، في وقت كانت فيه الكرة “أول الأزمة- في ملعب حكومة كسلا التي لم تستبِن النصحَ إلا ضحى غد الاستقالات.
نفي وتوضيح
بدوره أصدر أمين الاتصال التنظيمي بالوطني بكسلا، محمد جعفر محمد علي بياناً وتوضيحياً (تحصلت الصيحة على نسخة منه) قال فيه إن ما ورد عن أسباب الاستقالة لم يكن دقيقاً، وقال التوضيح نصاً “جاء في صحف أمس الثلاثاء 15/ أغسطس 2017م خبر منسوب للناظر محمد محمد الأمين ترك عزا فيه تجميد (724) قيادياً بالمؤتمر الوطني بالولاية لنشاطهم لرد فعل لتصريحاته رداً على خبر سابق، وقال سياق الخبر (إن الناظر قال إني تناولت المحليات الشمالية بشيء من التقليل والإسفاف، وهذا ما ولن يحدث منه)، مواصلاً: لعل القارئ الفطن يفهم ما رميت إليه في معرض ما سقته من رد على خبر سابق بأن أزمة تعتري أجهزة حزب المؤتمر الوطني بالولاية، وتابع: بوصفي أميناً للاتصال التنظيمي نفيت ما اعتبره الخبر أزمة ونحوت إلى توصيفها على نحو أدق إذ اعتبرتها تبايناً في وجهات النظر والآراء، يأتي في سياق ممارسة الشورى داخل مؤسسات الحزب، وذكرت أن الموقف لا يعدو أن يكون غير ما وصفت (تباين في وجهات النظر والآراء)، وزدت على ذلك بتبيين ما ادعاه الخبر من تهميش وعدم تمثيل للمحليات الشمالية في حكومة الولاية، بتوضيح أسماء وأوصاف شاغلي المواقع الدستورية من عضوية الحزب في المحليات الشمالية، وإنني لآسف لمثل هذه الاتهامات والتي سيقت على نحو تجريمي وصفه بغير المحمود نسبت إلى قائد وطني أكن له كل التقدير والاحترام، وأؤكد أن تصريحاتي جاءت على نسق موضوعي بعيداً عن المكايدة السياسية أو الجهوية، وهو منهج مبدئي ألتزمه في حياتي وأعتز به.
ويفهم ضمناً من توضيح مسؤول الاتصال أن الاستقالات وقعت لا محالة، غير أنه ترافع عن أي دور سلبي للحزب أو لحكومة الولاية في أسبابها المعلومة، وهي ما يقال عن “تهميش المحليات الشمالية”.
وعلى ذات السياق أكدت قيادات المحليات الشمالية تضامنهم مع الناظر ترك والوقوف خلفه، وأبدى إبراهيم قاسم إدريس بالمنطقة الجنوبية للقاش وأحمد محمد طاهر وكيل عمدة الأميراب وبرير أدروب مصطفى رئيس هيئة شورى قطاع تندلاي وأحمد أدروب الريف الشمالي وأوشيك علي آدم وكيل عمدة الكجر بتلكوك وطاهر محمد طاهر وأحمد حامد محمد مولاي من أبرز قيادات تلكوك بجانب أحمد محمد آدم أبو حسين من همشكوريب وغيرهم كثر أكدوا تمسكهم بالتجميد تأييداً لقرار الناظر ودعمهم لقضايا المنطقة كاشفين عن قيام مؤتمر جامع في التاسع من أكتوبر بحضور كافة القيادات بولايتي كسلا والبحر الأحمر لمناقشة التحديات الماثلة.
صحيفة الصيحة