مقالات متنوعة

اسرقني وتحلل


* ولا يزال برلمان الصفقة والبصمة يعتقد فينا الغباء، ويوزع علينا قفشاته التي لا تنتهي.
* فبينما كنا ننتظر منه الإدلاء بدلوه في العديد من القضايا المصيرية للبلاد، ظل على الدوام بعيدا من مستوى الأحداث ولا يرتقي بقراراته إلا وفق ما هو مرسوم له بدقة.

* فمثلا، وفي أكبر قضية شغلت الرأي العام مؤخرا والتي مست بشكل مباشر كرامة وسيادة الدولة، وعرضت أمنها القومي لأقسى صفعة يمكن أن يتلقاها فيما تعرف بقضية مدير مكتب الرئيس (طه عثمان)، لم يفتح الله على النواب ولا رئيس البرلمان بأي كلمة في هذا الخصوص وكأن الأمر قد وقع في دولة أخرى وليس السودان الذي يمثلونه إن كانوا فعلا ممثلين لشعبه.

* وبالأمس حملت صحف الخرطوم خبرا يقول: كشف رئيس لجنة العمل والمظالم بالبرلمان عمر سليمان استدعاء وزير المالية لمساءلته بشأن ضعف تنفيذ الوحدات المالية التي فيها تجاوزات مالية لقرارات المجلس الوطني، الخاصة بتقرير المراجع العام للعام المالي 2015 مع بروز اتجاه لمراجعة بعض القوانين كقانون التصرف في مرافق القطاع العام، ولائحة الإجراءات المحاسبية، ووصف تنفيذ قرارات البرلمان من الوحدات الحكومية التي تعدت على المال العام بـ (الضعيف)، انتهى.

* هذا قولهم وليس قولنا، وهو ذات الحديث الذي أشرنا إليه كثيرا في هذه المساحة، وطالبنا خلاله من هم بداخل قبة البرلمان بتحليل أي مليم يأخذونه من مال المواطن بإيجاد الحلول الجذرية لمشاكل نهب المال العام ووضع حد للفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، ولكنهم كالعادة في واد والمواطن في واد آخر.

* امتعضنا كثيرا من حكاوي الفساد الذي جعل من (بعض الرجال) (مجرد كائنات حية) منزوعة الصفات الآدمية، ولا علاقة لها بالإنسانية، فكم من موظف دولة من الرجال نال علاوة (الرضاعة) المخصصة لزميلاته الموظفات؟
* وكم موظف دولة استفاد من أسماء موتى ومفقودين ومرافيد صالح عام ونال ما نال من أموال عامة لا يستحقها لسنوات، وسبق للصحف أن تناولتها بقوة؟
* فماذا فعل البرلمان حيالها؟
* القليل جدا من هذه المخالفات، ألقت بمعظم مسؤولي حكومة إثيوبيا في السجون.

* دعونا من ذلك، ماذا فعل النواب المحترمون تجاه أكبر فضيحة مالية شهدتها إحدى ولايات الشرق، والتي تمثلت في تقرير رسمي كشف عن أعلى نسبة مخالفات مالية بالوزارات والوحدات الحكومية تم الكشف عنها مؤخرا، بعد أن (أفصح) عن 15 مخالفة مالية بلغت في جملتها (99.6%)، مكلفة خزانة الولاية “22” مليار جنيه، “12” مليار جنيه منها كانت مخصصة فى الميزانية لمكافحة الفقر وإجلاس طلاب المدارس ومشروع مياه الشرب ودعم المعاقين.
* ولايات يعاني السواد الأعظم من مواطنيها (التراكوما)، والفشل الكلوي، وإلتهاب الكبد الولائي.
*ولايات الكثير من مناطقها الطرفية تعاني الجوع والعطش والامية والتخلف، ووزراؤها يقدلون بالبدل ويركبون الفارهات، دون أن يسالهم ضميرهم، قبل مسؤولهم الأعلى عن فشلهم في حماية حقوق أهلها البسطاء.

* في دول أخرى، لا تحدث مثل هذه المفارقات، وإن حدثت فمصيرها بكل تأكيد عزل كل من تورط في هذه التجاوزات، وملاحقته قضائيا حتى إعادة الحقوق لأهلها والهيبة لسلطتها، وقبل ذلك ليكون عبرة لغيره.
* ما يحدث لدينا، لا يعدو أن يكون مواصلة للمسلسل المكسيكي (أسرقني وتحلل) الذي ملَ المواطن متابعته دون أن تظهر له نهاية محددة الملامح.
* المتوقع من المواطنين وحفاظا على ما تبقى من مال وسيادة دولة ابتداع أساليب جديدة لرفض هذه التجاوزات، لأن أشكال الرفض والتمرد التي مورست لسنوات لم تؤت أُكلها حتى اليوم.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة