لنتعلم العربية كانت إدارة المدرسة تمنع التحدث بالنوبية طوال ساعات الدراسة
بعض الحصاد ..!!
:: قبل ستة أشهر فقط لا غير، زار نائب رئيس الجمهورية ولاية شمال دارفور، ووصف الأهل بمنطقة مستريحة بالمجاهدين في سبيل (العقيدة والوطن ).. وفي ذات اللقاء الحاشد، مدح نائب الرئيس الشيخ موسى هلال متحدثا عن دور هلال في رتق النسيج الاجتماعي وتعزيز السلام والاستقرار في أكثر من ( 80 قرية).. وقال بالنص : (جهود الإدارة الأهلية تدعم توجه الدولة في سعيها لإعادة اللُحمة إلى مجتمع دارفور، ونحرص على محاربة التفلت والمجرمين، وتهيئة البيئة الآمنة للمواطنين)..!!
:: ولكن اليوم، يبدو أن أحدهما قلب للآخر ظهر المجن.. تحدث نائب رئيس الجمهورية – في لقاء إعلامي مساء الثلاثاء الفائت – عن توقيف مجموعة تتبع لموسى هلال، لضلوعهم في التخطيط لتجنيد مواطنين لصالح القائد الليبيي(خليفة حفتر).. ويقول بالنص : ( لن نسمح لأي شخص بالخروج عن الدولة، وإمساك بالعصا من منتصفها لن يجدي، ولو اضطررنا سنواجه موسى هلال ، ولن نترك من يتآمر مع حفتر)..و هكذا، خلال ستة أشهر فقط لا غير، تحول موسى هلال من أمير المجاهدين إلى متآمر مع حفتر ..!!
:: وفي ذاكرة الأرشيف زاوية (قديمة جدا)، وكانت تحذيراً لما يحدث الآن .. وقالت الزاوية بالنص : لنتعلم العربية كانت إدارة المدرسة تمنع التحدث بالنوبية طوال ساعات الدراسة.. وكان لهذا المنع بعض المواقف الطريفة، ومنها : ذات يوم، تساجل ابن خالي – بعربي دنقلا – مع بعض الزملاء حول مباراة (هلال مريخ)، واحتدّ في السجال، وأراد أن يختم الأمر بإحدى شتائمنا النوبية، فنطق الكلمة الأولى، ثم – فجأة – تذكر قرار المنع والعقاب.. وما كان عليه إلا أن يقطع الشتيمة، ويلتفت إلىّ متوسلاً (ياخ تعال تمها، أنا أمبارح اتجلدت)..
:: وهكذا حالنا عندما نتحدث عن هيبة الدولة بدارفور..فالحديث الفصيح عن أسباب انتشار السلاح قد يستدعي قطع الحديث ثم طلباً من شاكلة (تعال تمها).. وقبل زمن ليس ببعيد، كان التصريح على لسان اللواء شرطة طه جلال الدين، وكان مديراً لشرطة ولاية جنوب دارفور : (يزعجنا تزايد استخدام الأسلحة النارية من قبل مجموعات مسلحة، وهذا أدى الى تنامي السلب والقتل والنهب، وهناك مجموعة أطلقت النار على دورية شرطة وأمن.. (ده شغل جديد، لم نألفه من قبل)، هكذا كان نص الإنزاعج..
:: (ده شغل جديد)، ليس إطلاق الرصاص على الشرطة فقط ، بل كثيرة هي الشواهد والوقائع التي تكشف الكثير من (الشغل الجديد بدارفور).. ولكن يبدو أن هذا الحدث – أو الشغل – أصبح قديماً أمام تصريح وزير الداخلية لنواب البرلمان، والذي يؤكد بأن مليشيات شبه عسكرية تسيطر على (جبل عامر)، وأن هذه المليشيات ليست سودانية بالكامل، بل بها أجانب .. فالحديث يعكس بعض ملامح هيبة الدولة بدارفور..أجنبية كانت أو سودانية، فان الإعتراف بسيطرة مليشيات على مناطق التعدين ( ده شغل جديد)..
:: لقد صرخنا حتى بح صوتنا، ولم يسمعنا مسؤول .. فالدول ذات الأنظمة الراشدة هي التي تحتكر السلاح بواسطة (قواتها النظامية فقط لاغير)، ومن أهم معايير تصنيف الدول الفاشة هو عجز السلطة الحاكمة عن احتكار السلاح بواسطة أجهزتها النظامية..ولشعبنا حكمة تقول : ( البلد المحن لابد يلولي صغارهن)، وأخرى تقول : ( التسوي بي إيدك يغلب أجاويدك)..وعليه، فان التلاسن الراهن ما بين نائب الرئيس و موسى هلال يًشير إلى أن الحكومة على موعد مع بعض الحصاد، ومن يزرع الفوضى لا يحصد الأمن والسلام ..!!
الطاهر ساتي