لكم دينكم ولنا دين
* وأجد نفسي أتفق مع الرأي القائل إن الهدف الفعلي من دخول عشرات الحاويات المحملة بالمخدرات وغيرها من حاويات النفايات المشعة وغيرها، هو تغذية (الثروات المفاجئة)، وربما بهدف شراء الأسلحة التي أهلكت خزينة الدولة، وغيرها من الأسباب التي تؤكد مقولة إن السودان من أكبر دول غسيل الأموال.
* وحتى قبل أيام سيطرت أخبار الحاويات (القاتلة) على وسائل الإعلام المختلفة وخاصة الإعلام الإليكتروني ولا أحد يعلم مصير ما تم فيها بسبب التكتم والغتغتة التي يقول رجال الشرطة انها من «تكتيكات» التحري..
* تباينت وجهات نظر نافذين بالحكومة في إعادة بعض الحاويات إلى دولة المنشأ التي أُرسلت للسودان (مكب نفايات العالم)، ونذكر أجهزة مستشفى الذرة التي تم إرجاعها بطيران الإمارات بعد أن رفضت كل شركات الطيران حمل الأجهزة على متن طائراتها.
* وبعدها جدل نواب تشريعي الخرطوم ووزير صحة الولاية حول دفن حاويات قادمة من الخارج في منطقة أمبدة، وما تلا ذلك من استدعاء لوزير الصحة لمساءلته، ورفض الأخير المثول أمام التشريعي، وركوب رأسه بعدم الاستجابة للمطالبات المتكررة للمجلس.
* هذه وغيرها من الأخبار الباعثة على الكآبة أعادت لذهني الأسباب التي ذكرت وقتها بأنها السبب المباشر لإقالة مدير عام الجمارك الأسبق والتي تحدثت بروايتين.
* ولا تهمنا هنا الروايتان بقدرما يهمنا صمت النظام والحكومة من التكتم على مصادر هذه السموم التي ترد يومياً الى دولتنا وبشكل منظم من الخارج، دون أن يكون هناك قرار جاد يحسم هذه الفوضى القاتلة.
* هذه الآراء المختلفة والروايات المتباينة، أدخلت الجميع في حالة حصار نفسي واضطراب ذهني غير مسبوق، ومع كل بارقة أمل بالاقتراب من حل اللغز الذي استعصى على الكثيرين، نجد أنفسنا عدنا لمربع واحد، وكأن خروج تفاصيلها للعلن يعني نهاية العالم.
* هناك من يقول إن الغرض الرئيس للجهات صاحبة حاويات المخدرات بهدف تحطيم الشباب، وصرفه عن القضايا المصيرية، وهناك من يرى أن الغرض منها الثراء باعتبارها أحد أكبر مصادر الثروة للباحثين عن الثراء السريع.
* ووجود هذه الحاويات المحملة بالسموم وعدم الكشف عن مستورديها وأصحابها الحقيقيون يتنافى مع تصريحات الحكومة التي تؤكد فيها يومياً وقوفها مع الشباب، ورعايتهم وحمايتهم من العادات الضارة وما شابه من تصريحات ظلت تكذب نفسها في كل يوم.
* الحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان هي أن السودان فعلاً وبدون شك، معبر أساسي للأسلحة وللمخدرات، وتجارة البشر، وبوابة مقدسة للجماعات المتطرفة والجماعات الإخوانية بالمنطقة، لما له من موقع استراتيجي، رغم النفي المتكرر ودونكم موقف السودان من الصراع الخليجي الخليجي.
* تحسن الأوضاع وانصلاح الأحوال المائلة لن يتم طالما انتهت سياسة تقديم المصلحة العامة، وسياسة العدل، وسياسة احترام الرأي والرأي الآخر، وحقوق الإنسان، لتحل محلها سياسة الخيار والفقوس، وسياسة فقه السترة، وسياسة التحلل، وسياسة إذا سرق الشريف تركوه.
ً* النظام بحكومته وملحقاتها، يتعامل بأنه المالك الأوحد لهذا الوطن، ناسيا ومتناسياً أن الجميع شركاء فيه، ولكنها شراكة في الخسارة فقط، ولكن عند الربح (لكم دينكم ولنا ديننا).
بلاحدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة