مقالات متنوعة

الحج باستطاعة الدولة


الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، ولكنه شعيرة يشترط في أداءها (الإستطاعة)، وتعني القدرة على دفع نفات ومصروفات الحج من حر مال العبد وليس من خزانة
الدولة، أو عن طريق إستغلال أي مورد من مواردها .

لا تغلب الإنقاذ حيلة إذا أرادت شرعنة مسألة أو تأصيلها، ولذلك وجدت تخريجات فقهية لحج الدولة، فالمؤسسات لها نصيب سنوي من منح الحج المجاني الذي تتكفل به الدولة، وتقوم بتوزيعها ب(القرعة)، وفي ذلك عدالة شكلية لأن من تقع له (القرعة) قد يكون المدير أو الخفير بيد أن المدير مستطيع وقادر على دفع نفقات الحج فلماذا ينافس الخفير؟ وهل فقهاً يجوز الحج على نفقات الحكومة من الأساس؟.
كذلك الوزراء قد يحجون في معية رئيس الجمهورية أو أحد نائبيه على نفقة الدولة، وربما وجد مدراء المكاتب وقيادات المؤسسات عسكرية فرصة وكانوا ضمن الرهط، وجميعهم مستطيعون وقادرون على دفع تكلفة الحج .

أما الأمراء الذين يرافقون الحجاج فهم ذات الوجوه التي تسافر سنوياً وكأن حواء السودان لم تنجب غيرهم وهم الوحيدون الذين يتكئون على معرفة وعلم بأمور الحج تمكنهم من مساعدة الحجاج على أداء المناسك.
هذا بالإضافة لنواب البرلمان الذين ينالون حصتهم ويقبلونها عن رضا وكأنها حق ومستحق، في حين أن الذين حملوهم لقبة البرلمان هم في أحوج ما يكون لهذه الأموال.

ويبقى السؤال هل أداء الشعيرة عبر هذه الطرق حلال أم يقع في باب الشبهات؟ وهذا ليس بالمهم، فالمهم معاناة الناس في البلاد وحوجتهم لهذه الأموال لدعم علاجهم وغذائهم وبقية الخدمات، فالمواطن لن يستفيد من حج المسؤولين الذين يحجون على حسابه ومن ماله الذي تتحصله الحكومة من الضرائب والجبايات التي يدفعها بعد كدح وجهد. ولكي لا أنسى هناك أيضاً المجاهدون الذين يحفزون بمنح الحج المجاني ومنذ إعلان الجهاد وحتى الآن يأخذ الدفاع الشعبي حصته وكذلك أسر الشهداء، وربما دخلت مؤسسات نظامية أخرى وكانت على الخط منذ وقت سابق.

من يقف على حال الناس في الضواحي والمدن والأسواق يجدهم يعانون الأمرين من أجل الحصول على لقمة العيش، والدواء وغيرها من الإحتياجات الأخرى، وفي المقابل لا ترفع الحكومة عنهم يدها بل تحاصرهم كل صباح يوم بفرض الضرائب والجبايات التي لا حول لهم بها ولا قوة، في حين أن (النرجسية) تطغى حتى على التعبد الشعائري عند المسؤولين.

وفي السياق ذاته يرفع السؤال عقيرته، هل بحثت الحكومة الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية التي لا تنفصل عن أزمات السودان الأخرى؟
فالصرف الحكومي هو معضلة الاقتصاد، والمواطن السوداني أصبح مسؤولاً عن نفسه من حيث توفير فاتورة العلاج والتعليم وجميع الخدمات وعلة الاقتصاد السوداني في الحكومة، وليس في المواطن فأي الدعوات تستجاب دعوات الشعب (المسكين) أم الحجاج المسؤولين؟.

الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة