تحقيقات وتقارير

“مشاعر إسفيرية” الغيرة بين الأزواج وأصدقاء مواقع التواصل الاجتماعي قد تفضي إلى هدم العلاقات لكن على الطرف الآخر أن يتفهم أن التعليق على “البوست” حق للجميع!

الغيرة هي نتاج حب حقيقي يستشعره الشاب أو الفتاه أثناء خوضهما علاقة عاطفية من أجل تكوين أسرة مستقبلاً أو ربما بين الذين يربطهم زواج شرعي مسبقاً، وتعد أحد الأساليب المعبرة عن العشق والهوى تجاه من نحب، فنغار عليهم من نسمة الهواء دون إرادة أو قصد، لكن بدون جرح أو شك.
لكن ما حدث من تغيرات في المجتمعات مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعل للغيرة أساليب أخرى، وأخذت حيزاً مخالفاً للمألوف، فنجد بعض الأشخاص يتألمون بسبب تعليق أو ضغط زر الإعجاب من أحد الأصدقاء لرسالة (فيسبوكية) على صفحة محبوبته الشخصية، ولا سيما أولائك الذين يراقبون الطرف الآخر بصمت، لتصبح غايتهم متابعة كل جديد وبدقه متناهية تثير المشكلات في كثير من الأحيان. ولأن الموضوع بدأ يأخذ مساحة وتنتهي بسببه علاقات جادة ومتينة.. آثرت )اليوم التالي( معرفة رأي عدد من الشباب، فماذا قالوا؟

أسماء وهمية
عدَّ المغترب عبد الله حسين الفيس بوك جزءا من حياتهم وأولوياتهم، لأنه يجعلهم متابعين لما يحدث بالسودان. وقال: “من خلاله نتواصل مع الأصدقاء ونتابع أخبار الأهل باستمرار، فقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي الاتصال وقربت المسافات البعيدة، وأصبحنا نشارك الأهل والأصدقاء أفراحهم وأتراحهم، لكن ما يزعج عبد الله قبول البعض لطلبات الصداقة من أي شخص آخر خاصة من لم تربطك به أي علاقة ليصبح من ضمن أصدقائك وربما يكون باسم وهمي مثل (شوق العيون) و(موج هارب)، وهكذا، مثل هؤلاء لا يملكون ما يخسرونه، ويمكن أن تعلق لك إحداهن في منشور بطريقة غير لائقة وتتسبب في إزعاج الشريك”. وتابع: “قد يكون زوجاً أو خطيباً أو حتى حبيب، وكل إنسان قد يفهم تلميح وتعليق الأصدقاء بطريقة مختلفة، فيدخل الشك ويسكن القلوب، فتتوتر العلاقة الحميمة التي سادت عليها المودة والمحبة وروح المرح، ونرى كثير من العشاق لايعلقون على بعضهم بسبب تعليقات الأصدقاء”. وعن تجربته قال عبدالله إن حبيبته (95%) من أصدقائها أولاد، وله تجربة مع حبيبته التي معظم أصدقائها أولاد بنسبة 95℅، وهذا الشيء أثار قلقه وجعله غير مطمئن رغم ثقته فيها، وتفهمه.

عدم ثقة
فيما ترى الكاتبة أماني هلال أن الغيرة (الفيسبوكية) التي تؤدي إلى الفراق ليست مجدية، وتحدث عادة ان لم يكن هناك رباط قوي بين الشخصين وعدم توافر الثقة القوية. وقالت: “من الأفضل أن يثق كل شخص في نفسه وشريكه، طالما اختاره دون الآلاف، ويعني ذلك أنه وجد فيه صفات مميزة لا يفترض أن تضيع بسبب غيرة حمقاء نابعة من الخوف من خسران الشريك”. وأضافت بسخرية: “كيف أغار من تعليق أو حركة من زول في بوست.. إذا انت واثق من زولك مافي حاجة زي دي بتحصل”.

البوست حق للجميع
أما الإعلامية تهاني النميري فأكدت أن الاسافير تحولت في الفترة الأخيرة من مجرد عالم افتراضي وشخصيات وهمية تحمل صوراً غير حقيقية إلى واقع ملموس وطبيعي، يعبر من خلاله الأشخاص عن ما يدور بداخلهم، وبالتالي قد تنشأ من خلاله صداقات حقيقية على أرض الواقع، وربما تتحول هذه الصداقة إلى حب، مضيفة أن الغيرة شعور طبيعي ينشأ بين الأصدقاء في الواقع، فلماذا لا تنشأ عبر الأسافير، ودوافع الغيرة في الفيس بوك كثيرة، وقد تحمل بعضها طابع الحسد والضغينة، وفي أحيان أخرى تكون تصفية حسابات من خلال تعليق ما. وأشارت تهاني إلى أن الغيرة بين المحبين والأزواج، وهم أصدقاء على الفيس بوك إلى أنها يمكن أن تهدم العلاقة أن كان أحدهما غير متفهم، لكن على الطرف الآخر أن يتفهم أن التعليق على البوست حق للجميع وأن بعض التعليقات تجد مكانها في الصفحة من أجل خلق موضوع أو لفت الأنظار فقط.

أكثر من شخص
“الطرف الآخر لا يتقبل بعض العليقات، فهاجس الغيرة يؤرق الجفون سيما وإن كانت العلاقة في بدايتها ونتاج صداقة”، هكذا ابتدر القانوني بكري محمد عثمان حديثه. وأضاف: “تحدث نقاشات كثيرة في ذلك وضيق كبير لكن إذا دخل شك بينهما تصبح الكارثة”، لافتاً إلى أن الغيرة في وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة، وهناك أكثر من شخص يتحدث مع الطرف الآخر، لذلك من الأفضل اعتبارها صداقة حتى لا يأخذ الموضوع مساراً آخر.

شبح الغيرة
قال عبدالله الشيخ (تسويق الكتروني): “لو أن الشاشات تتحدث لأخبرتنا وسائل التواصل الاجتماعي عن العلاقات العاطفية التي تكونت عبرها، سيما في ظل تراجع استخدام الإيميل والرسائل النصية عبر الهاتف السيار في السنوات القليلة الماضية، لنقضي ساعات طوال على (الفيس بوك)، نتابع أخبار القلب والهوى عبر الصفحة الشخصية، وما تستقبل من تعليقات وإعجاب”. وتابع: “ربما يكون من الطبيعي والمفيد أن نتابع أخبار الحبيب أو الحبيبة حين يكون غائباً عنا من خلال صوره أو تدويناته أو أخباره، إلا أن هذه المتابعة قد تكون فخاً أحياناً، وتحديداً حين يتعدى ذلك حدود الاطمئنان ويحاصرك شبح الشك والغيرة، وهذه مشكلة شائعة لاحظها الباحثون عند مراقبة سلوك المحبين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي”. وأضاف: “يبدو أن المتحابين يغارون أكثر على بعضهم حين تفصل المسافات بينهم، وربما تكون محفزاً لإشعار الطرف الآخر باهتمامك وثقتك خاصة عندما تتحلى بالصدق”.

الخرطوم – مي عزالدين
صحيفة اليوم التالي